جاءت محبي أكل اللحوم مؤخرًا الأخبار السيئة: نشرت منظمة الصحة العالمية – WHO – تقريرًا ورد فيه أن منتجات الطعام المصنوعة من اللحم المصنع تشكل عاملًا رئيسيًا في الإصابة بالسرطان. أما محبو اللحم الأحمر الطازج فآن الوقت لتعرفوا أنه مُدرج على القائمة أيضًا لكن ضمن مجموعة تحتل مرتبة أقل خطورة بدرجة واحدة.
وورد في التقرير الذي نُشر أن اللحم المصنع مُدرج في المجموعة 1 من المواد المسببة للسرطان أي أعلى درجة من ضمن خمس، إلى جانب السجائر، والكحول، والزرنيخ، والأسبست. أما اللحم الأحمر الطازج غير المصنع فهو مُدرج أيضًا على القائمة لكنه يحتل مرتبة أقل بدرجة واحدة أي في المجموعة 2A تحت العنوان "يبدو أنه مسبب للسرطان عند البشر".
وقد تم ربط اللحم المصنع بالإصابة بسرطان المعي الغليظ بينما يشتبه في أن اللحم الأحمر مرتبط بسرطان البروستاتا وسرطان البنكرياس. فبحسب التقرير فإن "كل وجبة من اللحم المصنع بوزن 50 غرامًا نأكلها يوميًا تزيد من احتمال الإصابة بسرطان المعي الغليظ بـ 18%".
وتتماشى استنتاجات تقرير المنظمة مع التقارير السابقة التي نشرها الصندوق العالمي لبحوث السرطان – WCRF – والتي ورد فيها أن أكل اللحم الأحمر الدهني، واللحم المصنع، وشرب الكحول، والسمنة على وجه العموم والسمنة البطنية على وجه التحديد، تشكل كلها عوامل تزيد من خطر الإصابة بسرطان المعي الغليظ.
|
وهذا نوع شائع وخطير من السرطان بحيث يتم تشخيصه كل سنة عند ما يقارب 3200 مريض جديد في إسرائيل، ويتسبب هذا السرطان في وفاة 1300 شخص تقريبًا، بمعنى أنه مرتبط بنسبة وفاة عالية، أي 40%، الحالة التي تجعل الأطباء بين أمور أخرى يُوصون الرجال والنساء في سن الخمسين فما فوق بالخضوع لفحص تنظير القولون لغرض اكتشاف المرض في مرحلة مبكرة وإنقاذ الحياة.
22 خبيرًا وأكثر من 800 بحث
قد تحددت مجموعات التصنيف وفق توصيات لجنة مكونة من 22 خبيرًا من عشر دول تابعة للوكالة العالمية لبحوث السرطان.
ونظرت مجموعة العلماء هذه طيلة أكثر من سنة في ما يزيد عن 800 بحث تم فيها فحص العلاقة بين أكثر من 12 نوعًا مختلفًا من السرطان واستهلاك اللحم الأحمر واللحم المصنع.
واجرِيت البحوث في بلدان عديدة وعلى مجموعات سكنية متنوعة وفق أنظمة غذائية مختلفة. وجاءت الدلائل الأكثر تأثيرًا من البحوث التي اجرِيت خلال العقدين الأخيرين.
أنواع اللحم التي يُعتقد بأنها مسببة للسرطان
النقانق المختلفة، بما فيها الپسطرمة والسلامي، ولا سيما تلك التي خضعت لعملية التدخين أو التمليح والنقانق المحتوية على المواد الحافظة.
النقانق المجمدة بأنواعها المختلفة، لنفس الأسباب، وعليكم أن تعرفوا أن النقانق المجمدة وكذلك النقانق المتوسطة الجودة لا تحتوي عادة على أجزاء اللحم العالية الجودة بل أنها تحتوي على بقايا مختلفة للأجزاء الأقل جودة مثل الجلد، التي لا تحتوي على العناصر الغذائية المفيدة المتوفرة في اللحم.
أنواع الهامبرغر الاصطناعية، لأنها لا تُصنع من اللحم المفروم الطازج بل أنها عبارة عن منتجات غذائية مصنعة. ويمكن عادة شراؤها مجمدة ويتسنى التعرف عليها بفضل قائمة المكونات الطويلة التي لا تنحصر في اللحم فقط بل تشمل العديد من المواد المختلفة أيضًا.
وما بالنسبة لأنواع الهامبرغر المباعة في المطاعم وسلاسل مطاعم الوجبات السريعة؟ يصعب تحديد جودة اللحم المُستعمل فيها لأن بعض المطاعم أسرعت في التصريح أنها لا تستعمل اللحم المصنع. وتوصيتنا في هذا الخصوص أن تطرحوا الأسئلة عند ظهور الشكوك للتأكد من نوعية اللحم.
هل اللحم المصنع مضر للصحة مثل التدخين؟
تقول وزارة الصحة: "كلا. رغم أن اللحم المصنع مُدرج في فئة عوامل الخطر المساهمة في الإصابة بالسرطان مثل التدخين فإنه يشكل خطرًا أقل، أي أن التدخين بحد ذاته يزيد بشكل ملحوظ من خطر الإصابة بسرطان الرئة وغيره من أنواع السرطان بينما يشكل اللحم المصنع "خطرًا أقل بكثير".
وما بالنسبة للحم الأحمر الطازج؟
الأهم بالنسبة للحم المصنع ليس نوع اللحم بل أنه يحتوي على مواد ضارّة تُضاف إليه خلال عملية المعالجة، أو الحفظ، أو التدخين. أما اللحم الطازج، فيُشار بهذا المصطلح إلى اللحم الأحمر، إما لحم البقر أو الخروف، ويمكن لكل من يأكل اللحم غير الحلال إدراج لحم الخنزير أيضًا على قائمة اللحوم المشكوك فيها.
وهذه ليست المرة الأولى التي يُشك فيها في أن اللحم المصنع واللحم الأحمر ذا نسبة الدهون العالية يسببان السرطان ويضران بالصحة العامة ولم يُعتقد حتى الآن ولو مرة واحدة أن المواد الكيميائية التي تضاف إلى اللحم خلال المعالجة أو التدخين مفيدة للصحة.
وقد تم ربط نسبة الدهون المشبعة العالية في اللحم الأحمر الدسم بخطر ارتفاع مستوى الكولسترول السيء أيضًا، مما يسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري بعد فترة ما. ورغم ذلك، نود أن نلفت انتباهكم إلى الخبر الجيد، أي أن لحم البقر القليل الدسم يحتوي على كمية ضئيلة من الشحوم وبالتالي إنه يحتوي كمية ضئيلة من الكولسترول.
وقبل أن تقرروا تجنب أكله تمامًا، من المهم الإشارة إلى أن اللحم الأحمر الطازج الذي لم يخضع للتمليح الشديد أو المعالجة يحتوي أيضًا على البروتينات، والفيتامينات من فصيلة بي، والزنك وأن هذه المواد تفيد الجسم عند استهلاكها بكمية كافية، أي ليس أكثر أو أقل مما يجب.
ما الذي يتوجب عليّ فعله إذن؟ التوقف عن أكل اللحم تمامًا؟
هذا ليس بالأمر الضروري، أي رغم أنه لا يتوجب أكل اللحم فإننا نُوصي من يرغب في أكله عدم الإفراط في ذلك أي في حالة أنكم تأكلون اللحم المصنع بضع مرات في الأسبوع، أو بدلًا من ذلك إذا كنتم تأكلون اللحم الدسم، فمن المستحسن التقليل من الكمية التي تأكلونها بشكل ملحوظ.
أما مَن يحبّ اللحم الأحمر الدسم ولا يعاني من ارتفاع مستوى الكولسترول أو السكري، أو لا يتعرض لخطر الإصابة بأمراض القلب، فبإمكانه أكله بكمية قليلة فقط.
ونُوصي بشدة بأكل الأجزاء القليلة الدسم من اللحم الأحمر. ورغم غياب المعلومات عن صلتها بالسرطان فإنها غير مرتبطة بالعديد من المشاكل الصحية، وخصوصًا أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري. ومن المستحسن أكل اللحم من هذا القبيل مع الخضراوات الطازجة المحتوية على مضادات التأكسد إلى جانب الألياف الغذائية المساهمة في عملية الهضم للحفاظ على صحة الجسم.
يبدو أنه لم يتبق أي شيء يُسمح بأكله؟ فلنكن صادقين مع أنفسنا: هذه المعلومات ليست جديدة بل أنها تخبرنا رسميًا بحقائق نكون على دراية بها منذ وقت طويل لكننا فضلنا عدم التفكير فيها، أي اللحم المصنع على وجه الخصوص والمنتجات الغذائية المصنعة والمعالَجة على وجه العموم – نقول ببساطة إنه لا يُوصى بأكلها. ولم يُعتقد سابقًا أنها مفيدة للصحة بل يُعتقد منذ وقت طويل أنها تعرض الصحة للخطر وأنها مرتبطة بأمراض مختلفة. ونأمل في أن تصبح التوصيات بتجنبها إرشادات رسمية وفعالة في أعقاب التقرير وأن يكون لها تأثير على المستهلكين شخصيًا وعلى الشركات المصنعة للغذاء بأسرها.
توصية وزارة الصحة: اللحم المصنع – مرة واحدة شهريًا كحد أقصى
قد تطرقت وزارة الصحة الإسرائيلية إلى التقرير ونشرت توصياتها الآتية:
يجب اختيار مصادر البروتين المتنوعة وتناولها مع البروتين النباتي مثل البقوليات والحبوب الكاملة (العدس، والبازلاء، والحمص، والفول، واللوبياء، والفاصوليا إلخ) مرتين في الأسبوع على الأقل.
لا يتوجب أكل اللحم يوميًا ويمكن أكل أنواع اللحوم المختلفة مثل الدواجن، والأسماك، والبقر القليل الدسم.
يُوصى بالحد من الكمية المستهلكة من اللحم المصنع ولا سيما عند الأولاد وذلك لغاية مرة واحدة في الأسبوع (النقانق المجمدة، والنقانق، والهامبرغر، والشنيتسل المصنع إلخ).
من المهم الالتزام بأكل الوجبات المنتظمة ويُوصى بأكلها برفقة أفراد الأسرة.
يجب أكل الأغذية المتنوعة وزيادة استهلاك الأغذية الطبيعية مثل الفواكه، والخضراوات، والبقوليات، والحبوب الكاملة، والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة، ومشتقات الحليب القليلة الدسم، واللحم، والأسماك، والدواجن القليلة الدسم، وذلك إلى جانب التقليل من استهلاك الغذاء المصنع قدر المستطاع.
انضمام اللحم إلى الدهون التقابلية
هل يُمكن اعتبار التصريح بخصوص اللحم المصنع خطوة أخرى في محاولةٍ لإقناع الجمهور بالالتزام بنمط حياة صحي؟ قد يكون ذلك صحيحًا لأنه بعد التوقف عن استعمال الدهن التقابلي في الولايات المتحدة ومحاولة تشجيع الجمهور على التقليل من استهلاك المنتجات الغذائية المصنعة التي تحتوي على كميات كبيرة جدًا من السكر، في حالة التقليل من استهلاك اللحم المصنع قد يبدأ رسوخ التغيير في استهلاك الغذاء على وجه العموم.
ومن المرجح أن تضج الشركات المصنعة للغذاء استجابة لذلك – وقد أسرع الخبراء الذين يعملون لصالحها في الادعاء بأنه من المستحسن الاستمرار في استهلاك اللحم الأحمر المصنع، لأن فوائده تزيد عن سلبياته ولأن خطر الإصابة بالسرطان المرتبط به يقارب الصفر. ومن المهم الانتباه الى الجهات التي تعبر عن موقفها سواء المنظمات الصحية أو الشركات المصنعة للغذاء عند قراءة الإيجابيات والسلبيات بهذا الخصوص.
وفي نهاية المطاف يجب التذكر أن بعض أنواع السرطان، بما فيها سرطان المعي الغليظ وأمراض شائعة وخطيرة أخرى من قبيل السكري وأمراض القلب، يمكن محاولة منعها عن طريق التقيد بنمط حياة مفيد للصحة.
وينطوي ذلك على أكل كمية أقل من الغذاء المصنع بالتماشي مع توصيات المنظمة وزيادة استهلاك الخضراوات والأغذية الغنية بالألياف الغذائية والفيتامينات، وطبخ الطعام بأنفسكم قدر الإمكان، والتوقف عن التدخين، ومزاولة النشاط البدني في أحيان متقاربة وفق قدراتكم.
ونظرًا لكثرة الشركات المصنعة للغذاء المعالَج يصعب جدًا استهلاك الأغذية والمشروبات غير المصنعة أو التي لا تحتوي على مواد مضرة بالصحة. والأهم هو بذل الجهود القصوى للحد قدر المستطاع من سلبيات الغذاء الموضوع على الطبق.
تامي أديف هي أخصائية تغذية سريرية في كلاليت مختصة في السكري، والسمنة، وجراحات السمنة، والنباتية الخالصة.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات