تعتبر السمنة هاجس العصر فمن منا لا يريد أن يشيل عدة كيلوغرامات من وزنه وكم مرة نعلن في اليوم عن ذلك على الملأ ثم ننكسر ونرجع لنفس أنماط التغذية المتبعة التي تعودنا عليها. فما هي السمنة وما هي أسبابها؟ وما هي مخاطرها؟ وكيف يمكن الوقاية منها؟
السمنة
هي عبارة عن الزيادة النسبية في الشحوم في كل أجزاء الجسم. تقاس السمنة عادة حسب العلاقة بين الطول والوزن بواسطة معادلة كتلة الجسم. تحسب هذه المعادلة بواسطة تقسيم الوزن بالكيلوغرامات على الطول بالأمتار بعد تربيعه. فما إذا كانت كتلة الجسم بين 19-25 فان هذا يعتبر مثاليا وإذا كان بين 25-30 فان ذلك يعتبر سمنة وإذا ارتفعت إلى 30 وما فوق فان ذلك يعتبر سمنة زائدة أو مفرطة.
تنتشر السمنة بين الكبار والصغار الرجال والنساء وتقدر منظمة الصحة العالمية ان الملايين سوف يعانون من أمراض خطيرة لها صلة بالوزن المفرط التي تعد حالة معقدة لها أبعادها الاجتماعية والنفسية بين كل الأعمار. اهمها مرض السكري وامراض القلب والاوعية الدموية وضغط الدم العالي وبعض السرطانات. كما ان السمنة تؤدي الى الشعور بالنقص في التصور الذاتي مما يؤدي الى قلة الاختلاط بالاخرين وبالتالي الى الشعور بالوحدة والاكتئاب. وتصيب السمنة 300 مليون شخص في العالم من بينهم 20 مليون تحت سن 18 سنة. ويوجد 120 مليون يعانون من مشاكل متعلقة بفرط الوزن.
أسباب السمنة
ممكن أن تنتج السمنة من عوامل وراثية كامنه في جينات التشحم والتي تتفاوت عند الأشخاص المختلفين وهو شيء مولود من الصعب تغييره. اضطرابات هرمونية خاصة في الغدد الصماء المسئولة عن التوازن الكيماوي في الجسم ممكن أن تكون عامل آخر قد يؤدي إلى السمنة. كما أن اضطرابات نفسية مثل حالات الاكتئاب قد تؤدي إلى الإفراط بتناول الأطعمة الغنية بالسكريات مثل الشوكولاته وبالتالي تؤدي إلى السمنة وربما تكون أسباب السمنة تناول عقاقير أو أدوية معينة تؤدي إلى زيادة الشهية.
لكن تعتبر العوامل السلوكية من اهم العوامل التي تسبب السمنة وأساسها التغذية غير السليمة الغنية بالدهون قليلة الخضار والفواكه والغنية بالكربوهيدرات او السكريات. وهنا يطرح السؤال لماذا؟ لماذا يقوم الشخص بتناول الاطعمة التي قد تضر جسمه.
قد تكون الاسباب السلوكية هذه نابعة عن الارادة الذاتية ولكنها غالبا هي نتاج لظروف بنيوية يولد فيها او يمر بها الشخص. حيث اثبتت الابحاث ان السمنة هي مؤشر للوضع الاقتصادي لدى الشخص او العائلة. ففي حين كانت السمنة هي مرض الاغنياء في القرون السابقة تعد اليوم السمنة - خاصة سمنة المنطقة الوسطى من الجسم او سمنة الخصر او البطن او الكرش- بسمنة الفقراء. حيث بات معروفا ان ذوي الدخل المحدود يلجؤون الى شراء وتناول الكثير من الكربوهيدرات او السكريات مثل الخبر والرز من اجل الشعور بالشبع وبذلك يتسبب لديهم الارتفاع بالوزن وفي نفس الوقت يكون لدى هؤلاء نقص كبير بالعناصر الغذائية الهامة مثل البروتينات ومصدرها من اللحوم ومنتجات الألبان والفيتامينات التي تأخذ من الخضار والفواكه. لذلك نرى ان ميسوري الحال يقومون بحماية أنفسهم إما بشراء الأطعمة المتوازنة أو بفرص الحركة والرياضة وهي ايضا قليلة عند ذوي الدخل المحدود.
السمنة بالأرقام في المجتمع العربي في البلاد
يشير مسح الوضع الصحي والتغذية الاول في البلاد والذي تم نشره في سنة 2003 ان نسبة السمنة اي كتلة الجسم بين 25 الى 30 تكون مرتفعة بين العرب رجالا ونساء مقارنة مع اليهود. ففي حين كانت نسبة السمنة بين العربيات 33.3% كانت هذه النسبة 31.7% بين اليهوديات و49.4 % بين الرجال العرب مقابل 44.6% بين اقرانهم اليهود.
ماذا علينا ان نعمل لتفادي السمنة؟
يكمن التعامل مع السمنة على مستويين الشخصي والسياسي: المستوى السياسي من شأنه ازالة العوائق للتغذية السليمة وتوفير فرص الغذاء المفيد والصحي للجميع. والمستوى الشخصي يضمن رفع الشعوربالمسؤولية الذاتية على الحفاظ على الصحة عند الافراد.
حيث انه على المستوى السياسي هناك حاجة للاعلان عن السمنة افة اجتماعية ووضع السياسات من اجل تجنبها. احد الطرق التي قد تكون ناجعة هي خفض قيمة الضريبة المضافة التي تدفع على الأغذية الصحية. حيث ان تخفيض هذه الضريبة عن اطعمة مثل الخضار والفواكه وبعض اللحوم والاسماك وليس على الخبر والمرجرين كما هو دارج الان هو ضرورة حتمية.
حيث ان تهيئة الظروف للغذاء الصحي والمفيد بواسطة توفيره في الاسواق وتخفيض اسعاره بحيث يستطيع الجميع الحصول علية يجعل من محاربة السمنة على المستوى الشخصي امر ممكن وقابل للتحقيق.
حيث ان مكافحة السمنة تبدأ باتباع نظام غذائي متوازن من جيل مبكرة وتحويل التغذية المتوازنة الى نمط حياة وليس اتباع نظام حمية معين. ان اتباع الحمية على اشكالها هي امر عابر لا يمكن ان يدوم طويلا ولكن اتباع نظام غذائي صحي هو امر مستدام من الممكن ان يستمر مدى الحياة. وعليه يكون تجنب العادات السئية من الصغر هو امر ضروري من اجل اكتساب عادات غذائية سليمة. خاصة الابتعاد عن الإفراط في تناول المشروبات الغازية والعصائر السكرية والحلوي ولاسيما قبل تناولهم الطعام واستبداله بالماء وكذلك تناول أكلات صحية غير دسمة مثل الخبز و اللحوم والألبان والفراخ الخالية من الدهون .
كما ان الاكثار من الحركة هو امر ضروي لمكافحة السمنة. حيث ان قلة الحركة والاكثار من مشاهدة التلفزيون والعاب الكومبيوتر. هي عامل مهم جدا. حيث تشير الابحاث الى ان الاطفال بحاجة الى 1-2 ساعات يومية من الحركة السريعة بينما يحتاج الكبار فقط الى 150 دقيقة من الحركة خلال الاسبوع اي ما يعادل النصف ساعة يوميا من اجل ضمان الصحة الجيدة وتفادي السمنة. لا يهم كثيرا كيف تكون هذه الحركة فمن الممكن ان تكون مشي سريع او سباحة او ركض او رقص وغيرها المهم ان نتحرك. لذلك يجب تشجيع انفسنا واطفالنا على ممارسة اي نوع من انواع الرياضة.
وعلية فان نشر البرامج التوعوية الخاصة التي تعتمد على الخصوصية الاجتماعية والثقافية للمجتمع العربي ووضع خطط تعليمية خاصة في جهاز التعليم بدءا بالحضانات ورياض الاطفال بات امرا ضروريا يجب ان نتجند له جميعا من اجل حماية الجيل الجديد من هذه الافة.
- نشر في المجلة الاقتصادية " مالكم "
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات