يناقش الاعلام مرّة أخرى مسألة التخوّف من إمكانية الإصابة المزدوجة بالكورونا والانفلونزا، هل هناك أساس لهذا التخوف؟
موسم الانفلونزا السابق كان الأوّل الذي يتزامن مع فترة الكورونا. هذا الموسم والذي بدأ في نهاية العام 2020 واستمرّ في بداية العام 2021- مرّ تقريبًا دون مرضى انفلونزا وأيضًا دون مصابين بأمراض فيروسيّة مرافقة أخرى والتي تميّز موسم البرد. هذه الظاهرة شهدها العالم سواء في النصف الشمالي للكرة الأرضية أو النصف الجنوبي، وقد تمّ ربطها، جزئيًّا، بلبس الكمامات والتباعد الجسدي الذي كان متبعًا على إثر انتشار وباء الكورونا.
لقد تمّ ملاحظة ظاهرة اختفاء الانفلونزا أيضًا في الدول التي لم يتم التشديد فيها على الكمامات والتباعد الجسدي- الأمر الذي استدعى طرح فرضيّة أخرى، مفادها أنّ فيروس الكورونا أبعد جانبًا الفيروسات القديمة والتي تعرقل حياتنا كل شتاء.
بالمقابل، شهد الصيف الحالي زيادة غير اعتيادية وغير متوقعة في التهابات الجهاز التنفسي المعتادة في أشهر الشتاء - ما أدى إلى عبء كبير على العيادات وغرف الطوارئ وأقسام المكوث- على غرار ما يحدث في أشهر الشتاء. هذه الظاهرة أيضًا لم تقتصر على إسرائيل فحسب، انّما تمّ الإبلاغ عنها في جميع أنحاء العالم.
الاستنتاج الذي يمكن استنباطه من كل هذه التطورات هو أن القواعد المألوفة لنا من الماضي على ما يبدو لم تعد سارية المفعول، ولا يمكن التنبؤ بيقين بشأن قدوم الانفلونزا في الشتاء القادم (2022-2021).
نحن نصل إلى فترة الشتاء بأوج موجة الكورونا الرابعة التي تسبّب بها متحوّر دلتا وهو أكثر عدوى بكثير من المتحورات السابقة. ومع ذلك، على الرغم من العدد الكبير من المرضى المؤكّدين يوميًا، فإن الجهاز الاقتصادي يواصل نشاطه، وتم فتح جهاز التعليم كالمعتاد، وأيضًا فرع السياحة عاد للعمل. تساهم كل هذه الظروف في انتشار الأنفلونزا في إسرائيل والعالم.
بما أنّنا غير متيقنين ما اذا كانت الكورونا تبعد الانفلونزا جانبًا للهامش، وعلى إثر فتح الجهاز الاقتصادي بشكل كامل، فانّ التوصية هي بتلقي التطعيم ضد الانفلونزا لمنع الإصابة المزدوجة وتخفيف العبء عن الجهاز الصحي.
هل من الممكن الإصابة بالفيروسين؟
كما ذكر سابقًا، لا يوجد حتى الآن دليل على إمكانية وجود موسم إنفلونزا "عادي"، لكن الأدلة المتراكمة تشير إلى امكانيّة الإصابة بالأنفلونزا والكورونا في نفس الوقت.
نظرًا لعدم وجود أدلة كثيرة، لا يزال من غير الممكن استخلاص العبر بشأن مسار المرض عند الإصابة بكلا النوعين من الفيروسات في الوقت نفسه.
على الرغم من وجود العديد من التقارير الطبية حول الإصابة بالأنفلونزا وفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، لا يمكن استخلاص العبر من هذه الأمثلة فيما يتعلق بطبيعة المرض عند الإصابة بالانفلونزا والكورونا في ذات الوقت.
لم كل هذه التخوفات من الإصابة المزدوجة؟
التخوّف الرئيسي هو من العبء الاستثنائي على الجهاز الصحي. هل تتذكرون الضغط الحاصل كل شتاء في أقسام المكوث؟ الآن أضيفوا إلى ذلك أيضًا مرضى الكورونا.
هذا يعني المزيد من الضغط على أجهزة التنفس (لحالات الأنفلونزا الحرجة وحالات الكورونا الحرجة)، والمزيد من الضغط على الطواقم الطبيّة (الموجودين بحجر صحي أحيانًا) والمزيد من الضغط على العيادات. كل هذا يضيف عبئًا ثقيلًا للغاية على الجهاز الصحي بأكمله.
هل الكورونا والانفلونزا هي أمراض متشابهة؟
يدور الحديث عن مرضين مختلفين، لكنهما متشابهين بعدّة جوانب
كلا المرضين هما مرضين فيروسيين يصيبان جهاز التنفس العلوي.
كلا المرضين ينتقلان من شخص لآخر بالأساس من خلال رذاذ القطرات الصغيرة المنبعثة عند السعال والعطس والكلام.
الإصابة الحرجة والوفيات في كلا المرضين تحدث بشكل رئيسي في أوساط المرضى المسنين وأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة. المجموعة الأكثر ضعفًا- في كلا المرضين - هم كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنة.
مع ذلك فانّ الفروقات بين المرضين كثيرة:
- يتسبّب بالمرضين فيروسات مختلفة من عائلتين مختلفتين.
- قدرة العدوى لفيروس الكورونا أعلى من قدرة فيروس الانفلونزا.
- نسبة الوفيات من الكورونا أكبر من وفيات الانفلونزا.
- تستمر الانفلونزا على الأغلب لمدّة أسبوع، بينما تستمر الكورونا مدّة أطول.
- لدى جزء صغير من مرضى الكورونا تظهر أعراض مزمنة والتهابات متعدّدة الأنظمة. هذه الأعراض غير مألوفة في أوساط مرضى الانفلونزا.
- المرحلة الأصعب في الانفلونزا هي بداية المرض، بينما الكورونا تكون في البداية على الأغلب سهلة نسبيًّا، وفي حال أصبحت صعبة، يحدث ذلك بعد أسبوع.
- تحدث الانفلونزا في أشهر الشتاء فقط، بينما فيروس الكورونا يكون فعالا في كل فصول السنة.
لدي أعراض، كيف يمكن معرفة ما اذا كانت أعراض انفلونزا أو كورونا؟
لا يمكن بالاعتماد على الأعراض فقط تحديد ما إذا كان الحديث يدور حول الانفلونزا أو الكورونا، لأنّ العارضين الأكثر انتشارًا، درجة الحرارة العالية والسعال، موجودين في كلا المرضين. الطريقة الوحيدة للتشخيص الموثوق هي بواسطة فحص مخبري.
لنفترض أنّه تمّ تحديد التشخيص ما إذا كان يدور الحديث حول الانفلونزا أو الكورونا- كيف يتم علاجي
العلاج في كلا المرضين هو على الأغلب علاج داعم فقط.
يتم علاج المرضى بحالة صعبة أو المرضى ضمن مجموعة الخطر لتطوير تعقيدات بحسب التشخيص: يتم علاج الانفلونزا بواسطة دواء تاميفلو، في حين هناك عدّة أدوية للكورونا، والمخصّصة بغالبيتها للمرضى الراقدين في المستشفيات.
هل أدوية الانفلونزا يمكن أن تساعدني في حال أصبت بالكورونا؟
دواء الانفلونزا غير ناجع للكورونا. ليس هناك معلومات ما اذا كان دواء الانفلونزا يمكن أن يسبّب الضرر لمريض الكورونا، لكن بشكل عام يعطى كل دواء فقط وفقًا لما هو مخصّص له. أدوية الانفلونزا مخصّصة لمرضى الانفلونزا ضمن مجموعة الخطر أو الماكثين في المستشفيات جرّاء تعقيدات المرض.
هل التطعيم ضد الانفلونزا يمكن أن يساعد للكورونا؟
لا، يدور الحديث حول فيروسين مختلفين تمامًا.
هل الكمامة والتباعد الاجتماعي يساعدان أيضًا في حالة الانفلونزا؟
على ما يبدو فانّ هذه الوسائل – الكمامة والتباعد الاجتماعي- يمنعان أيضًا انتشار الانفلونزا. أشارت منظمة الصحة العالمية إلى نشاط أقل من المعتاد للانفلونزا في نصف الكرة الأرضية الجنوبي مقارنةً بالسنوات السابقة. أحد التفسيرات الممكنة لهذا الانخفاض هو وسائل الحماية التي يتبعها الجمهور ضد الكورونا: لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي.
إذن كيف يستعد الجهاز الصحي للشتاء القريب؟
وزارة الصحة وصناديق المرضى يستعدان لحملات التطعيم ضد الانفلونزا المخصّصة بالأساس للمرضى ضمن مجموعات الخطر، وذلك للحفاظ على صحتهم ولمنع العبء على الجهاز الصحي (المكوث، أجهزة التنفس، الزيارات في العيادات).
ستبادر صناديق المرضى بشكل فعّال للتوجه للمرضى ضمن هذه المجموعات. وسيتم كذلك تطعيم طلاب المدارس- حتى في حال لم يكونوا ضمن مجموعات الخطر- نظرًا لاحتمال أن يكونوا مصدر عدوى للأشخاص بمجموعات الخطر.
كيف يستحسن الاستعداد للشتاء؟
كل من ينتمي لمجموعة الخطر ويتم استدعاؤه لتلقي تطعيم الانفلونزا يجب عليه الاستجابة والذهاب لأخذ التطعيم. إضافة إلى ذلك، يجب الحرص على القواعد التالية:
- الحفاظ على التباعد الاجتماعي، لبس الكمامة والحفاظ على النظافة الشخصيّة.
- عدم الذهاب للعمل في حال المرض، عدم إرسال ولد مريض للحضانة أو المدرسة، وتجنب التجمهر في الأماكن المغلقة.
- الحفاظ على نمط حياة صحي، حتى دون علاقة بالكورونا، الامتناع عن التدخين، ممارسة النشاط البدني بشكل دائم، الحفاظ على وزن سليم، معالجة الأمراض المزمنة، الحفاظ على تغذية صحيّة.
هل في إطار الاستعداد للشتاء، يستحسن أيضًا أخذ التطعيم ضد التهاب الرئتين؟
بيناموكس- لقاح ضد بكتيريا المكورة الرئوية المسببة للالتهاب الرئوي - يُعطى عادة مرة واحدة فقط في العمر، ولا داعي لإعطائه مرّة أخرى. وهو مخصص للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا والمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة والمعرضين لخطر الإصابة بالالتهابات التي تسببها هذه البكتيريا.
المرضى ضمن مجموعة الخطر بشكل خاص (مثل المرضى الذين اجتازوا استئصال طحال، أولئك الذين يتلقون العلاج الكيميائي، مرضى غسيل الكلى، المرضى الذين اجتازوا عمليات زراعة أعضاء، وزراعة القوقعة) يتلقون لقاح بيناموكس، بالإضافة إلى لقاح آخر للالتهاب الرئوي. لا يتم إعطاء اللقاحين بنفس الوقت.
د. بت - شيفع جوتسمان هي طبيبة كبيرة في عيادة الأمراض المعدية في مستشفى مئير التابع لمجموعة كلاليت، كما تعمل مستشارة في عيادات كلاليت الجماهيرية في مجال الأمراض المعدية واستخدام المضادات الحيوية.