ما هو اعتلال الشبكية السكري؟
اعتلال الشبكية السكري (بالإنجليزية Diabetic Retinopathy) هو مرض عيون خطير ناجم عن الإصابة بمرض السكري.
يتجلى مرض السكري في ارتفاع مستويات السكر في الدم نتيجة عوامل وراثية وبيئية. يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف أعضاء مختلفة بما في ذلك الكلى والجهاز العصبي والعينين.
شبكية العين ((Retina هي الطبقة الداخلية لمقلة العين وهي مسؤولة عن امتصاص الضوء وتحويله إلى تحفيز عصبي ينتقل إلى الدماغ عبر ألياف العصب البصري. اعتلال الشبكية هو مرض يصيب الشبكية. في اعتلال الشبكية السكري ، يتضرر المبنى الطبيعي للأوعية الدموية الصغيرة التي تغذي الشبكية.
في مركز الشبكية يوجد مركز الرؤية الذي يسمى البقعة. وهي مسؤولة عن حدة البصر ورؤية الألوان. تلف هذه المنطقة قد يسبب صعوبات في أداء ووظيفة العين. هناك علاقة وثيقة بين مدة مرض السكري وظهور اعتلال الشبكية.
اعتلال الشبكية السكري هو السبب الأكثر انتشارًا للعمى في العالم الغربي بين الأشخاص في سن العمل. يزداد لدى المرضى المصابين بمرض السكري المستمر وغير المتوازن، ويرافقه عوامل خطر أخرى - مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستويات الدهون في الدم - خطر الإصابة باعتلال الشبكية السكري.
هل هناك أنواع مختلفة من اعتلال الشبكية السكري؟
ينقسم اعتلال الشبكية السكري إلى نوعين هما في الواقع يمثلان مراحل مختلفة من نفس المرض:
• اعتلال الشبكية التكاثري وهي مرحلة متقدمة تتطور فيها أوعية دموية جديدة وغير طبيعية داخل العين. وهذا ما قد يؤدي الى نزيف في تجويف العين والتسبب بمضاعفات مثل انفصال الشبكية.
• اعتلال الشبكية غير التكاثري وهي مرحلة يحدث فيها تلف في جدار الأوعية الدموية التي تغذي الشبكية، ولكن لا يوجد في هذه المرحلة نمو غير طبيعي لأوعية دموية جديدة.
ما هي أعراض اعتلال الشبكية السكري؟
لا توجد أي أعراض في المراحل المبكرة من اعتلال الشبكية السكري. ذلك هو السبب في الحاجة الى مراقبة مرضى السكري بانتظام من قبل طبيب عيون.
في المراحل الأكثر تقدمًا، يمكن أن تظهر الأعراض التالية:
• انخفاض حدة البصر نتيجة تلف جدار الأوعية الدموية في شبكية العين - تلفٌ يتسبب في تراكم السوائل والبروتينات والدهون في مركز الرؤية (الاستسقاء البقعي أو والوذمة البقعية).
• ظهور أجسام عائمة / طائرة في مجال الرؤية لدرجة فقدان الرؤية بعد نزيف من الأوعية الدموية غير الطبيعية في تجويف العين (أثناء المرحلة التكاثرية لاعتلال الشبكية السكري).
• فقدان الرؤية المفاجئ نتيجة النزيف الكثيف في تجويف العين أو بعد انفصال الشبكية نتيجة سحب الأوعية الدموية غير الطبيعية (الأوعية الدموية غير الطبيعية التي تكونت قد تسحب الشبكية وتؤدي إلى انفصالها).
كيف يتم التشخيص؟
• فحص قاع العين. يتم إجراء الفحص من قبل طبيب عيون بعد توسيع حدقة، بؤبؤ، العين.
يُطلب من مرضى السكري إجراء فحص اعتيادي للعين مرة كل عام للكشف عن العلامات المبكرة لاعتلال الشبكية السكري مثل التغيرات في بنية الأوعية الدموية والنزيف وتكوّن أوعية دموية جديدة غير طبيعية ووذمات (تورم ناتج عن السوائل الزائدة)
بالإضافة إلى فحص قاع العين، يجب اجراء صورة أو أكثر من صور الشبكية التالية:
• Optical Coherence Tomography (التصوير المقطعي للتماسك البصري، وتختصر بـ: OCT). وهو فحص غير جراحي بمستوى عالٍ من الدقة. يعتمد الفحص على مسح طبقات الشبكية من خلال انعكاس موجات الضوء من أعماق مختلفة.
يوفر فحص الـ OCT معلومات عن كمية وموقع السائل في مركز الرؤية. يتيح فحص الـ OCT التشخيص المبكر وهو أيضًا ضروري لمتابعة ورصد الاستجابة للعلاج.
• تصوير الأوعية الدموية بزاوية واسعة. في الآونة الأخيرة، تم تطوير كاميرات لقاع العين تسمح بتصوير شبكية العين حتى 200 درجة دون ملامسة العين.
يتطلب الأمر حقن مادة تباين (فلوريسئين) لإظهار تدفق الدم في الأوعية الدموية في شبكية العين وكذلك لإظهار المناطق التي يكون فيها إمداد الدم تالفة أو المناطق التي تتكون فيها أوعية دموية جديدة غير طبيعية. يتيح استخدام الكاميرات ذات الزاوية الواسعة الحصول على النتائج المَرَضِية المحيطية.
• Optical Coherence Tomography Angiography (تصوير الأوعية الدموية بالتصوير المقطعي البصري وتختصر بـ OCTA). وهو طريقة تصوير مبتكرة غير جراحية توفر معلومات عن الأوعية الدموية في طبقات الشبكية المختلفة.
ينجح فحص الـ OCTA في اكتشاف العلامات الأولية لاعتلال الشبكية السكري التي يمكن "تفويتها" في الفحص السريري. كما يقدم فحص الـ OCTA معلومات حول نمو الأوعية الدموية الجديدة غير الطبيعية. يعد استخدام OCTA، في بعض الحالات، بديلاً عن تصوير الأوعية جراحيًا (FA).
• اولترا-ساوند لمقلة العين. في حالات النزيف من الأوعية الدموية غير الطبيعية في تجويف العين، حيث لا يمكن إجراء الفحص السريري فيها، يتم الاستعانة بفحص الاولترا-ساوند المُعْتَمِد على الموجات الصوتية، حيث تتمكن من الدخول الى النزيف وإعطاء معلومات عن حالة الشبكية.
كيفية العلاج؟
الوقاية
العلاج الأهم لاعتلال الشبكية السكري هو الوقاية من ظهور المرض وتطوره. وللقيام بذلك، يجب موازنة مستويات السكر في الدم وعوامل الخطر الأخرى مثل ضغط الدم ومستويات الدهون في الدم. تشير الدراسات إلى أن التوازن الدقيق والصارم يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة أو من تفاقم اعتلال الشبكية السكري.
تسمح المتابعة المنتظمة لدى أخصائي السكري ولدى طبيب العيون بالتشخيص المبكر للتغيرات الأولية في الشبكية - في مرحلة يمكن فيها علاجها والوقاية من المضاعفات الثانوية.
الحقن داخل العين
في حالات اعتلال الشبكية السكري، والتي تتطور فيها الوذمة في مركز الرؤية بسبب التسرب من الأوعية الدموية (الوذمة البقعية) - مما يؤدي إلى انخفاض حدة البصر - يمكن الحصول على نتائج مفيدة وكبيرة من الحقن داخل العين.
يوجد في إسرائيل حاليًا 4 أنواع من الأدوية البيولوجية المضادة لـ VEGF (بروتين موجود بمستويات عالية في عيون مرضى اعتلال الشبكية السكري): افستين ولوسنتيس وايلييه وبرولوسيزومب. ترتبط الأدوية ببروتين الـ VEGF وتأخر نشاطه، وبالتالي تقلل من الوذمة وتوقف نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية.
يتم الحقن في تجويف العين بتخدير موضعي لبضع ثوان ولذا فهي غير مؤلمة. يتم إعطاء الحقن مرة واحدة في الشهر في الـ 3 أو الـ 4 أشهر الاولى.
بعد مجموعة العلاج الأولى، يتم تقييم فعالية العلاج، ويقرر طبيب العيون ما إذا كان سيستمر في العلاج، أو تمديده، أو إيقافه مؤقتًا، أو الانتقال إلى الحقن بدواء آخر.
خط العلاج الأول في إسرائيل هو أفاستين، وإذا كان تأثيره غير كافٍ، يمكن تغييره. لا يمكن توقع عدد الحقن ووتيرتها مسبقًا.
علاجات الليزر
في حالات اعتلال الشبكية السكري التكاثري، يتم إجراء العلاج بالليزر باستخدام تقنية تسمى Pan Retinal Photocoagulation (التخثير الضوئي للشبكية وتختصر بـ :PRP).
يعتمد الـ PRP على فكرة مفادها أنه في حالة عدم وصول كمية كافية من الأكسجين إلى الشبكية، يتم إفراز المواد التي تسبب نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية. الهدف من العلاج هو اتلاف أجزاء من الشبكية المتضررة بطريقة مُحْكَمة وخاضعة للرقابة، وبالتالي منع تطور المضاعفات الشديدة مثل النزيف داخل العين، وانفصال الشبكية الجر، والزرق (الجلوكوما) من الأوعية الدموية الجديدة.
يتم اجراء علاجات الـ PRP في 3 إلى 4 جلسات، والهدف من ذلك هو سحب الأوعية الدموية الجديدة.
العلاج الجراحي (استئصال الزجاجية)
استئصال الزجاجية هي عملية يتم إجراؤها في حالات اعتلال الشبكية السكري التكاثري، عندما يكون هناك نزيف في تجويف العين أو انفصال الشبكية نتيجة سحب الأوعية الدموية غير الطبيعية.
في هذه العمليات، يتم استئصال عدسة العين وتسريح الأغشية التي نمت على سطح الشبكية. في نهاية العملية، يتم ملء العين بسائل أو غاز أو زيت سيليكون شفاف – يعود ذلك لقرار الجراح.
ما هي مضاعفات المرض؟
إذا لم يتم عدم علاج اعتلال الشبكية السكري فقد يؤدي ذلك إلى العمى.
تنجم معظم المضاعفات عن تكاثر الأوعية الدموية الجديدة غير الطبيعية في العين والتي تسبب الأضرار التالية:
• نزيف يملأ تجويف العين.
• انفصال الشبكية نتيجة سحب الأوعية الدموية غير الطبيعية.
• الزرق (الجلوكوما) الناجم عن تكون أوعية دموية جديدة.
• تجدر الإشارة إلى أن مرض السكري قد يؤدي أيضًا إلى تسريع تطور إعتام عدسة العين (الكاتركت).
ما هي الاعراض التحذيرية التي تتطلب التوجه الفوري الى الطبيب؟
كل انخفاض مفاجئ في الرؤية أو ظهور ومضات أو حدوث تشوش في الرؤية يتطلب ذلك التوجه الفوري الى طبيب العيون.
ما هي التوجيهات لمرضى اعتلال الشبكية السكري؟
• يبطئ التوازن الأمثل لمعدلات وقيم السكر وضغط الدم ومستويات الدهون في الدم من تفاقم اعتلال الشبكية.
• يتوجب على مرضى السكري من النوع الأول (سكري الاحداث) اجراء فحص عيون شامل، بعد توسيع حدقة العين، لدى طبيب العيون حتى 5 سنوات من تاريخ تشخيص مرض السكري.
• يتوجب على المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع 2 (الذي يصيب البالغين) اجراء فحص عيون أولي وشامل، بعد توسيع حدقة العين، لدى طبيب عيون بعد فترة قصيرة من تشخيص مرض السكري.
• يتوجب على مرضى السكري من النوع 1 والنوع 2 اجراء فحص عيون كل عام لدى طبيب عيون متخصص في اعتلال الشبكية السكري. في حال كان اعتلال الشبكية متقدمًا، يجب تكرار الفحص في أحيانٍ كثيرة.
• يتوجب على النساء المصابات بداء السكري واللواتي يخططن للحمل اجراء فحص عيون شامل والحصول على استشارة بشأن أخطار الإصابة باعتلال الشبكية السكري أو المعاناة من تفاقم اعتلال الشبكية السكري القائمة.
• يتوجب على النساء الحوامل المصابات بداء السكري اجراء فحص عيون شامل في الثلث الأول من الحمل الأولى وكذلك عليهن الخضوع للمراقبة الحثيثة طوال فترة الحمل.
• يحتاج المرضى الذين يعانون من وذمة في المركز البصري أو اعتلال الشبكية السكري في مرحلة متقدمة إلى علاج فوري من قبل طبيب عيون مختص في شبكية العين. يقلل العلاج المبكر من خطر فقدان البصر الشديد.
وفي ختام هذا المقال؛ التوازن الدقيق والصارم لعوامل الخطر الى جانب المتابعة الدورية المنتظمة والعلاج المُتوائم في الوقت المناسب؛ يمكن لكل ذلك أن يحافظ على الرؤية الجيدة ويمنع المضاعفات الشديدة.
الدكتورة اورلي جلئور: أخصائية أمراض الشبكية وجراحة إعتام عدسة العين (الكاتركت) ومديرة خدمات تصوير العيون في قسم طب العيون في مركز رابين الطبي التابع لمجموعة لكلاليت.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى معاينة شروط الاستخدام وحماية المعلومات.