سأتناول مكعب شوكولا آخر وأجلس، لم أتناول الطعام في الصباح ولا أستطيع التفكير كما ينبغي، أعطوني بعض الكربوهيدرات البسيطة - لتعزيز السكر والتركيز...
يبدو أمراً مألوفاً؟ عندما تكون مثقلاً بالمهام، فغالباً تواجه الشعور بالتعب أو انعدام التركيز العام، الأمر الذي يجعلك ترغب في تناول شئ ما لذيذ، وعادة مايكون حلواً، للاستيقاظ. ولكن ما الذي سيساعدك حقاً على التركيز على المدى القصير والمدى الطويل، وما هي العادات التي ينبغي اتباعها لنبقى أكثر تركيزاً وانتباهاً؟
التركيز، هيا تعال إلى هنا بسرعة! قبل أن نغفو على لوحة المفاتيح!
1. اسعافات أولية: كافيين
هو المخدر الأكثر تأثيراً على نطاق واسع في العالم. الكافيين مادة كيميائية في الطبيعة تتواجد بشكل أساسي في حبوب البن، ولكن ليس هذا فقط. له تأثير قوي على الجهاز العصبي المركزي في الدماغ، فيعمل على زيادة الإدراك والتركيز والحالة المزاجية.
إذاً كيف يحدث أن جميعنا تقريباً يتناولون مخدرا؟ لأنه يعتبر آمناً للاستخدام في الأساس بكميات منخفضة. فعتبة السمية هي حوالي 10 غرام للشخص البالغ. (بالتساوي مع جرعة اسبرسو في المتوسط 250 ملي غرام كافيين).
إذاَ ما الجيد في ذلك؟ الكافيين له تأثير بشكل واضح وسريع على التركيز والذاكرة والطاقة. حيث تبين أنه على المدى الطويل يمنع بعض الأضرار التي تلحق بالمادة البيضاء في الدماغ، ويساعد أيضاً في الحفاظ على القدرات المعرفية في الشيخوخة. ماهي تلك القدرات؟ هي مهارات نظام الوعي لديكم، على سبيل المثال التفكير، التعلم، الانتباه، الذاكرة، الابداع، قدرة صنع القرار وحل المشكلات.
أظهرت دراسة حول السيدات المسنات بالنسبة لتناول الكافيين وجود انخفاض في القدرة المعرفية لدى النساء اللواتي يستهلكن الكثير منه، ولكن إضافة إلى ذلك تبين أنه محسّن لحساسية الأنسولين وبالتالي يقلل من خطر الاصابة بمرض السكري - وهي حالة صحية بحد ذاتها مرتبطة بالضعف الادراكي.
لحظة لحظة، لا تتحمسون كثيراً: قبل أن تتناول كوب آخر، تذكر أنه مع كل تلك الفوائد، فإن الكافيين بكميات كبيرة يسبب الإدمان ويمكن أن يسبب اضطرابات النوم (كما أنه مخدر). ومن الناحية الصحية الاستهلاك الزائد له يؤثر على صحة العظام وتسبب قرحة المعدة. لذلك لا تفرط في تناوله، من 3 إلى 4 أكواب في اليوم هي الكمية الموصى بها. وأيضاً، إذا كنت تأكل مع شربك للقهوة، فعليك أن تعير انتباهك إلى أنه ربما يؤثر على عملية امتصاص الجسم للفيتامينات والمعادن.
2. مشروبات الطاقة، جيدة أم سيئة؟
منذ أن تم إطلاقها في سوق ما في أواخر الثمانينيات، لاقت مشروبات الطاقة الكثير من الاهتمام. وقد أظهرت الدراسات أنها تحسن عملية التركيز والإنتباه كما تحسن المزاج على المدى الطويل...
كيف يتم صنعها؟ عن طريق الجمع بين كمية كبيرة من الكافيين في الأساس، ضعفين متوسط الكمية الموجودة في كوب قهوة أو كولا، مع كمية كبيرة من السكريات البسيطة - محفزات طاقة منشطة مثل الجينسينج وفيتامين ب.
حسناً، هذا عظيم، أليس كذلك؟ بالتأكيد لا. فكميات الكافيين هنا أكبر من القهوة، كما أن نقص ساعات النوم لا يساعد على انتباه أي شخص.
هناك نقطة إضافية وهي أن معظم الدراسات التي أجريت على البالغين بدراسة الآثار قصيرة الأجل لتلك المشروبات، ما يصل إلى ست ساعات بعد الشرب. ودراسة إضافات السكر فيها أيضاً. فالوصية هي: عليكم الابتعاد عنها!.
وجدت الدراسات أن نقص ساعات النوم الناجمة عن زيادة تناول الكافيين، يؤثر على تطور النمو الطبيعي للدماع عند المراهقين، وتزيد من نقص التحكم في السلوك الإنساني، وانخفاض التركيز، ونقص القدرات المعرفية.
تلك الأعراض لم يتم ملاحظتها لدى الشباب الذين يتناولون كوب من الكولا أو القهوة - ولكن لحظة، نحن لا نوصي حقاً بتناول الكولا، فكمية السكر هي نفسها، ولكن من ناحية نسبة الكافيين فهي أقل ضرراً.
3. الكاكاو والشوكولاته، لا بأس بهما؟
للغاية! تبين أن الكاكاو يحسن المزاج ويحفز بناء خلايا دماغية جديدة - خاصة في الأجزاء المتعلقة بالتعلم والذاكرة. الكاكاو يساعد أيضاً على منع تدمير الخلايا العصبية الجديدة ويحسن وظائفها.
وتعود تلك الفوائد إلى تركيبيتها الكيميائية الفريدة، والتي تشتمل على مادة الثيوبرومين (مادة قريبة من عائلة الكافيين)، وقليل من الكافيين ووفرة من مضادات الأكسدة من عائلة الفلافونويدات.
إذاً ببساطة يمكننا التهام الشوكولاته؟ يبدوا ذلك ممتاز. صحيح. ولكن كن على حذر: الشوكولا ليست دائماً مصنوعة بشكل صحي، بسبب تنوع المواد المضافة التي تخلط مع الكاكاو حتى يتم الانتهاء من المنتج النهائي. إنه لذيذ، ولكن العديد من منتجات الشوكولا تحتوي على الكثير من السكر والدهون وكذلك مسحوق الحليب ونكهات وغيرها من المؤثرات الصناعية الإضافية.
كلما زاد وجود جميع المكونات الأخرى في الشوكولاته كلما قلت كمية الكاكاو الموجودة فيها. فيمكنك تقليل الضرر وشراء الشوكولاته الداكنة التي تحتوي على ما لا يقل عن 60% كاكاو، لذلك سوف تحصل على الكمية الحقيقية للكاكاو وكمية أقل من الإضافات.
ما السيئ في كأس من العصير أو البسكويت؟
تناول السكريات البسيطة تؤثر فوراً على مستويات السكر في الدم، لذلك ستشعر بزيادة في الطاقة والتركيز بشكل سريع. ولكن في تلك الحالة يتم امتصاصه بسرعة وكذلك يذوب بسرعة، وتأثيرها على المدى القصير فقط وينبغي الاستمرار في تناول السكريات للبقاء على نفس مستوى اليقظة.
الصحة لا تقدر بثمن! ترتبط زيادة كمية السكريات البسيطة بالزيادة المفرطة في الوزن، وتفاقم مرض السكري، وغيرها من الحالات غير الصحية.
فماذا إذاً؟
إذاً ما هو الأفضل صحياً؟
تناولوا حصة من المشروب في الصباح لتركيز قصير الأجل وطاقة طويلة الأجل والكثير من مضادات الأكسدة، احصلوا على معلقة كبيرة من مسحوق الكاكاو الناعم مع حصة من الفاكهة مثل موزة صغيرة أو 5 ثمرات فراولة أو خوخ متوسط. للاستمتاع بشعور الشبع، يمكنكم إضافة معلقتان من بذور الكتان المطحونة أو اللوز أو طحينة خام. اطحنوا كل شئ معاً جيداً مع نصف كوب من الماء في الخلاط - والآن فالمشروب جاهز.
حصة واحدة تحتوي على حوالي 180 سعر حراري. إذا كنتم ترغبون في الاستمتاع بها بحصة متوسطة يمكنكم استخدام معلقة واحدة صغيرة فقط من بذور الكتان أو الطحينة مع نصف حصة من الفاكهة. سوف تحصل على مشروب منعش لا يستهان به، يحتوي على 100 سعر حراري.
ماهو الجواب القاطع لسؤال وجبة الأفطار، هل يجب تناولها أو لا؟
الطعام يزود العقل بالطاقة، وعندما تحافظ على نمط طعام منظم فذلك يزود العقل بما يحتاجه من تركيز للأمور المهمة حقاً.
أظهرت الدراسة بالمقارنة بين الأطقال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 11 سنة ممن يتناولون وجبة الافطار أو ومن لا يتناولونها، أن أولئك الذين يتناولون الطعام صباحاً قد حصلوا على المتطلبات الغذائية اليومية الموصى بها.
فكيف يمكنكم الحفاظ على التركيز حتى نهاية الفصل الدراسي (أو الحياة)؟
نعم للدهون عالية الجودة!
إن تناول الدهون غير المشبعة مثل زيت الزيتون، الأفوكادو، بذور الكتان، الجوز، الجوز البرازيلي، اللوز وأسماك الماء البارد تساعد في الحفاظ على وظائف المخ. كما أنها تساعد على خفض مستويات الكوليسترول "الضار" في الدم وهذا جيد لأنه يوجد صلة بين مستويات الكوليسترول المرتفعة في منتصف العمر وبين تطور مرض الزهايمر (الخرف، انخفاض الأداء العقلي) في وقت متأخر من العمر.
وهناك تأثير طويل آخر هو الكمية الكبيرة لمضادات الأكسدة الطبيعية، مثل الكاروتينات والسيلينيوم والفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون E و A الموجودة بها. وتساهم مضادات الأكسدة في حد ذاتها في تقليل أضرار الكوليسترول.
ضعوا الدهون الضارة في قائمة الحظر!
على الرغم من ذلك، فإن زيادة تناول الدهون المشبعة الموجودة مثلاً في الزبد، والجبن الدهني، واللحوم الدسمة والنقانق)، والدهون غير المشبعة في الوجبات الخفيفة مثل الكعك والبسكويت والبوريك و باقي المنتجات الصناعية الأخرى تزيد من خطر الاصابة بمرض الزهايمر في وقت متأخر من الحياة.
ليس من الغريب أيضاً أن الأنظمة الغذائية الغنية بالسعرات الحرارية والسكريات البسيطة مرتبطة بخطر كبير للإصابة بمرض الزهايمر، فتؤثر السكريات سلباً على وظيفة الإدراك بمرور الزمن.
أما عن الأحماض الدهنية غير المشبعة من نوع أوميغا 3، فقد تم إجراء دراسات عديدة على الحمض من نوع DHA في الأساس. DHA هو جزء من اللبنات الأساسية للدماغ لذلك فهي ضرورية للهيكل والوظيفة والإشارات السريعة بين خلايا المخ، بالإضافة إلى قدرته على الحد من ضغط عمليات الأكسدة والالتهاب التي لها أيضاً تأثير سلبي على الدماغ.
يمكن تناول أوميغا 3 كمكمل غذائي، ولكن أنا أفضل الشئ الحقيقي المادي قدر الإمكان، فنوصي بمزيج من الأطعمة الغنية به: سمك السلمون وسمك الهامور وسمك الهلبوت والتونة وبذور الكتان وبذور الشيا والجوز وزيت الكانولا.
شرب الشاي الأخضر، بشكل منتظم
واحدة من أفضل الفوائد المعروفة والبارزة للمشروب الأسيوي هو الحفاظ على الأداء المعرفي لدى كبار السن. يستخدم الشاي الأخضر لمنع الخرف، وذلك في الأساس بفضل مضاد الأكسدة ECGC. وقد أظهرت العديد من الدراسات وجود علاقة إيجابية بين تناول الشاي الأخضر بمرور السنوات وتباطؤ اصابة الأوعية الدموية الدماغية في سن متقدم.
تتعالجون من فقر الدم. ماذا ينقصكم؟
يرتبط نقص خلايا الدم الحمراء مباشرة بالتركيز المنخفض، ويسبب أيضاً في كثير من الأحيان التعب والإرهاق. ويعتبر نقص الحديد هو العامل المهم في تطور فقر الدم ويرتبط بقدرات أقل في الإدراك العقلي.
الدراسة التي أجريت على 100 فتاة هندية تتراوح أعمارهن بين 12 حتى 15 سنة أظهرت أن الفتيات اللواتي يعانين من نقص الحديد (حتى وإن لم يتم تشخيصهن بفقر الدم) لم يحصلن على نتائج جيدة في مادة الرياضيات. كما كانت قدرتهم على التعلم والتذكر والتركيز أقل من غيرهن. وعندما قيام بعض الفتيات بتناول مكملات الحديد لمدة 8 أسابيع، لوحظ تحسن في ذاكرتهن والقدرة على التعلم اللفظي والتركيز.
مصادر جيدة للحديد: البقول، الطحينة، اللوز، الكاجو، الحبوب الكاملة، الخضروات الخضراء المورقة، اللحم البقري الخفيف، لحم الديك الرومي والكبدة.
هل تحققتم إذا ما كان لديكم نقص في فيتامين ب1؟
فيتامين ب1 (الثيامين) مهم في عمليات إنتاج الطاقة والأداء السليم للجهاز العصبي، وقد يؤدي نقصه إلى تلف الخلايا العصبية وموتها. من بين عدة أمور فإن تأثيرها في الدماغ يكون على الذاكرة وعملية التخزين والتعلم على المدى الطويل.
من المعرض لخطر نقص الثيامين؟ الأشخاص الذين تعرضوا لجراحات تصغير المعدة للتو - خاصة جراحات تحويل مسار المعدة والجراحات الخاصة بالأشخاص الذين يعانون من القيئ المتكرر، وأيضاً شاربي الكحوليات - فالتناول المفرط للكحول يؤثر على الكبد سلباً في امتصاصه للعناصر الغذائية الأساسية، بما في ذلك الثيامين.
لذلك ربما يكون من الأفضل التخلي عن جولات المشروبات الكحولية التالية (على الأقل حتى بعد الامتحانات!).
هل اتخذت المؤخرة شكل الكرسي؟ هل تستمرون في القراءة؟
يا إلهي، تستريحون. ندعوكم إلى التحرك! بالإضافة إلى الشعور الجيد واللياقة البدنية، فإن التمارين الرياضية تعمل على تحسين أداء الجهاز العصبي والعقل لديكم وتوازن التأثيرات السلبية لسوء التغذية.
يوجد علاقة بين اللياقة البدنية والانجاز الجيد لمواد الرياضيات والقراءة والتخطيط لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 إلى 11 سنة والذين يعانون من زيادة في الوزن. أما الأشخاص المتقدمين في العمر فقد تبين أن نشاطهم البدني المنتظم يحد من آثار الخرف.
فكروا في الأمر لحظة - ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، يخفف من التوتر ويحسن المزاج. وعندما تكون مسترخياً أكثر يكون من السهل الجلوس على الكرسي والتركيز.
إذاً عندماً يكون هناك أشواك تحتنا ينبغي البدء في القفز مباشرة؟ ذلك يعتمد على الوقت لديكم.
في بعض الأحيان، الاستراحة لمدة نصف ساعة تجعلنا نحصل على نتائج كبيرة ونتخلى عن وقت الجلوس وسنلاحظ التحسن الذي سيحدث لاحقاً.
لا ينبغي أن تكون الاستراحة طويلة، بل قف على ساق واحدة فقط، خذ بعض الأنفاس بعمق، حرك أعضاءك، وربما يكون من الأفضل تناول وجبة خفيفة أخرى.
الوقوف على ساق واحدة ؟!
نعم، تقبلوا النصيحة من معلم اليوغا. إن تمارين التوازن والتي تقف بها على ساق واحدة معروفة بقدرتها على تحسين التركيز.
ترفعون حواجبكم؟ من فضلكم، يمكنكم أيضاً أن تحفزون أنفسكم بمحاولة الوقوف على ساق واحدة، على سبيل المثال وضعية الشجرة - بالوقوف بساق مطوية على فخذ الساق الأخرى، وعند التعب عليكم بتغيير وضعية الساقين. بعد دقيقة أو دقيقتين ستشعرون بأنفسكم أكثر تأهباً ويقظة، بالتأكيد.
تامي اديف هي أخصائية تغذية سريرية، أخصائية أمراض السكري والسمنة وجراحة علاج البدانة والخضرية.
