الفيبروميالغيا (الألم العضلي التليّفي)

ما هذا؟

المعنى الحرفي للفيبروميالغيا هو ألم في النسيج الضام والعضلات، اسم المرض بالعربيّة هو الألم العضلي التليّفي. هو عبارة عن ألم مزمن ينتشر على نطاق واسع مصحوب بحساسية شديدة ومؤلمة عند الضغط على أماكن كثيرة في الجسم إلى جانب شعور بالتعب.

تؤثر المتلازمة بشكل كبيرعلى مستوى الأداء المهني، الاجتماعي والعائلي للمصابين به. في العادة تتم معالجة المتلازمة من قبل أطباء الأمراض الروماتيزمية، على الرغم من انه على عكس الأمراض الروماتيزيمة الاخرى، لا يوجد أي دليل على حدوث التهاب. يمكن تشخيص المرض أيضا من قبل أطباء الأمراض الباطنية وأطباء الأسرة.

ما هي مسببات الفيبروميالغيا؟

يبدو أن المتلازمة لها خلفية وراثية، حيث أن خطر الإصابة بها يزداد إذا كان أحد الأقارب مصابا أو أصيب بها. من المعروف أن أحداثا مؤلمة مختلفة أيضا - مثل الصدمات الجسدية، الصدمات النفسية والضغط النفسي- قد تؤدي إلى ظهور المتلازمة. وجد أيضا أن هناك علاقة بين التهابات مختلفة- منها التهابات فبروسية حادة وبين ظهور الفيبروميالغيا.

ما هي أعراض المرض؟

• الألم المزمن (يستمر لأكثر من ثلاثة اشهر) المنتشر على نطاق واسع (في جميع أنحاء الجسم) هو العرض السريري الرئيسي للفيبروميالغيا. الشعور بالألم يكون في كل الجهاز العضلي، المفاصل والهيكل العظمي، وخاصة الرقبة والظهر، الرجلين واليدين.

• لا تخفّ آلام العضلات أثناء الراحة، وحتى أن هذه الآلام تزداد شدتها في ساعات الليل وفي الصباح.

• استجابة شديدة واضحة عند الضغط بشكل طفيف على نقاط متعددة في الجسم (تم تحديد 18 من هذه النقاط).

• اضطرابات في النوم تشمل صعوبة في النوم واستيقاظات متعددة فلا يشكل النوم وسيلة للراحة وتجديد الطاقة مما يؤدي إلى إحساس جليّ بالتعب خلال ساعات اليوم.

• الصداع والدوخة.

• أعراض قلق و/أو اكتئاب.

• أحيانا تظهر صعوبات في التركيز والذاكرة .

• في بعض الأحيان شكاوى تتعلق بالجهاز الهضمي مثل آلام البطن وأعراض متلازمة القولون العصبيّ (آلام البطن، إسهال وإمساك متناوب وانتفاخ في البطن). هناك أيضا شكوى شائعة وهي الحاجة إلى التبول المتكرر.

كيف أنا بالمقارنة مع الآخارين؟

يعاني ما بين 2% إلى־8% من السكان من الفيبروميالغيا. نسبة النساء اللواتي يعانين من المتلازمة أعلى ب 7 حتى 9 مرات من نسبة الرجال. في العادة يتم تشخيص المرض بين جيل 20 إلى جيل 50 سنة، لكنه قد يصيب الأطفال أيضا. المعطى المثير للدهشة هو أن المتلازمة لا يتم تشخيصها لدى 75% من الأشخاص الذين يعانون منها.

كم يستمر المرض؟

هو متلازمة مزمنة تستمر لسنوات عديدة. مع ذلك هناك فترات أفضل من فترات، ويمكن بمساعدة العلاج الصحيح تخفيف الآلام بشكل كبير وتحسين الشعور العام والاداء الوظيفي اليوميّ.

كيف يتم التشخيص؟

حتى اليوم لا يوجد فحص مخبري محدد يمكن من خلاله تشخيص المتلازمة. لا يمكن لفحوصات التصوير أيضا (رنتغن،MRI ,CT) المساعدة في تشخيص المتلازمة. يستند التشخيص على الشكاوى النموذجية وعلى استجابة الألم عند الضغط على 11 نقطة على الأقل من أصل 18 نقطة محددة. 

 18 النقاط الحساسة في الجسم

تكمن الصعوبة الكبيرة في التمييز بين الألم العضلي الليفي (فيبروميالغيا) والآلام الروماتيزميّة الأخرى، لذلك ومن أجل تأكيد التشخيص يتم إجراء فحوصات دم للكشف عن أجسام مضادة للأمراض الروماتيزمية والالتهابية. في حالة الفيبروميالغيا نحصل على نتائج طبيعية في كل هذه الفحوصات. في فحص خزعة الجلد يمكن في بعض الأحيان العثور على خلل في الألياف العصبية الصغيرة (اعتلال عصبي)، لكنه ليس خاصا بالفيبروميالغيا وأهميته غير واضحة. 

كيف يتم العلاج؟

الغرض من العلاجات هو الحفاظ على قدرة الأداء الوظيفي، تحسين جودة الحياة وتخفيف الأعراض. يمكن تحقيق هذه الأهداف بواسطة العلاجات الدوائيّة وغير الدوائيّة. 

العلاجات الغير دوائيّة
• النشاط البدني هو جزء أساسي في أي برنامج علاجي. التوصية هي القيام بنشاط بدني منتظم ذو طبيعة هوائية (أيروبيكا) مثل المشي، السباحة وركوب الدراجات. من المهم بناء خطة تدريجية (يزداد مستوى صعوبتها تدريجيا)، والأهم من ذلك هو الممارسة اليومية.

• المعالجة المائيّة. هناك مجموعة متنوّعة من العلاجات الطبيعية التي تتم في الماء- في الغالب في درجة حرارة عالية نسبيا.

• علاج معرفي- سلوكي (CBT). يستند العلاج على فرضية أن جزء من عملية معالجة الألم في الجهاز العصبي المركزي يتم في مناطق معرفية، وبالتالي يمكن التحكّم به. يتم من خلال العلاج محاولة تغيير أنماط التفكير السلبيّ ومشاعر القلق والاكتئاب التي غالبا ما تكون مصاحبة للمتلازمة.

• الإصغاء (اليقظة). ثبت أن طريقة التدريب النفسي هذه التي تعتمد من بين الأمور الأخرى، على التأمل، تساعد المرضى على التعامل بشكل أفضل مع الألم وتحسين جودة حياتهم.

• التنويم المغناطيسي.  يمكن بمساعدة أساليب الاقتراح (الايحاء) (سوغاستيا) التأثير على الإحساس بالألم وعلى الأفكار والسلوك.

• الخيال الموجه. يتم خلال التدريب تخيّل واقع داخلي لا علاقة له بالعالم الخارجي.

• الوخز بالإبر الصينية. من المعلوم حسب الخبرة أن الوخز بالإبر الصينية له تأثير مفيد على الإحساس بالألم.

• تاي- تشي، تبيّن أن رياضة التاي- تشي  ناجعة في علاج الفيبروميالغيا.

العلاجات الدوائيّة

• يمكن إعطاء أدوية مضادات الاكتئاب والقلق التي ثبت أن لها تأثير فعال على الألم. مثل هذه الأدوية ألترول (أميتريبتيلين)، سيمبالتا (دولوكستين)، إكسيل (ميلنيسيفرام)، فانيلا، فياكس وأفاكسور (نالبكسين)، لوسترال وسيرينايد (سرترالين)، سايبرلاكس، أستو (اسيتيتولوبرام)، سيبراميل، ريسيتال (سيتالوبرام)، سيروكسيت، فكست (باروكستين)، بروزاك، بلوتين، بريزما (بلوكستين).  

يجدر الانتباه: هذه الادوية غير مسجلة في إسرائيل لمعالجة الالم أو الفيبروميالغيا. مع ذلك، وبما ان العديد من مرضى الفيبروميالغيا يعانون أيضا من القلق والاكتئاب فيمكن إعطاؤهم هذه الأدوية وتكون الفائدة مزدوجة: معالجة القلق والاكتئاب وكذلك معالجة الألم.

• أثبتت الادوية المضادة للصرع مثل ليريكا (بيرغابلين) وغببانتين فعاليتها أيضا في علاج الفيبروميالغيا. لكن في حين أن  البيرغابلين مسجل في إسرائيل لعلاج الفيبروميالغيا إلا أنّ الغببانتين غير مسجل لعلاج هذا المرض. 

• يمكن الاستعانة بمختلف مسكنات الألم. لا توجد دراسات تثبت فعالية الحشيش الطبي في علاج الفيبروميالغيا، واستخدامه لهذا الغرض غير معترف به في وزارة الصحة.

هل يظهر المرض لمرة واحدة؟ هل يعاود الظهور؟

هذه حالة مزمنة حيث تمر فترات جيدة وفترات يتفاقم فيها المرض. يمكن من خلال نمط حياة صحيح تخفيف الألم وحتى منعه بتاتا. مع ذلك فقد يحدث تدهور في الوضع بسبب التعرض للضغوطات النفسية (مثل إصابة أو عدوى أو أي حدث ضاغط آخر) وأحيانا بدون سبب واضح. 

هل يمكن أن تحدث مضاعفات؟

على العكس من الأمراض الروماتيزمية الأخرى فإنّ الفيبروميالغيا لا يسبب تشوه المفاصل ولا يؤدي إلى ضمور العضلات. الفيبروميالغيا أيضا ليس مرضا تدريجيا يؤدي إلى تدهور الوضع على مر السنوات. كما أن المرض لا يقصر متوسط العمر المتوقع. لكن مع ذلك، قد يعاني المصابون بهذه المتلازمة من آلام شديدة تؤدي إلى محدودية الأداء الوظيفي اليومي وإلى الكثير من المعاناة النفسية.

ما هي علامات التحذير التي تستوجب التوجه إلى الطبيب؟

نظرا لأن المتلازمة تشمل العديد من الأعراض، هناك ميل لنسب كل شكوى إلى المتلازمة، وهنا يكمن الخطر، لأن ذلك قد يؤدي إلى "تفويت" علامات تحذير مهمة لأمراض أخرى. لذلك، على سبيل المثال، إذا ظهر انتفاخ أو احمرار في المفاصل، هبوط في الوزن أو فحوصات دم غير طبيعية فيجب إجراء تقييم طبي جديد.

بعد كم من الوقت "أعود إلى نفسي"؟

أي تفاقم في الوضع يستمر عادة عدة أيام أو أسابيع أو عدة أشهر. كلما زادت المعرفة حول المتلازمة كلما كان من الممكن علاجها بشكل أفضل والعودة إلى الأداء الوظيفي الكامل الطبيعي بشكل أسرع.

كيف نتعلم كيف نتعايش مع الفيبروميالغيا؟

في الكثير من الحالات فإنّ مجرّد المعرفة أن الفيبروميالغيا هو مرض لا يؤدي إلى ضرر جسدي دائم تؤدي بالأشخاص المصابين إلى عدم الاستمرار في إجراء فحوصات متكررة ومؤلمة وإلى تطوير موقف أكثر إيجابية حيال حالتهم.

قد تساعد أيضا تقنيات الاسترخاء (مثل التأمل، الخيال الموجّه، اليوغا، استرخاء العضلات أو الارتجاع البيولوجي)

مجموعات الدعم هي مصدر مساعدة للعديد من مرضى الفيبروميالغيا. مجرد معرفة أنكن أو أنكم لستم لوحدكم هي عامل مشجّع ومعزّز.

دكتور أندريه مطالون هو مدير قسم طب الأسرة في المركز الطبي رابين ولواء دان بيتح تكفا في كلاليت ومتخصص في الفيبروميالغيا. 

دكتور دانا فلورنتين هي طبيبة البيت على موقع كلاليت. متخصصة في طب الأسرة ومديرة منتدى صحة الأسرة على موقع كلاليت