تعريف ومقدمة
تعتبر آلام الظهر إحدى أكثر الأعراض انتشاراً، كما وتشكل إحدى أكثر الأسباب المرضية للتغيب عن العمل وطرق باب الطبيب لطلب المعاينة والعلاج. وأكثر أوجاع الظهر شيوعاً هي تلك التي تتمركز بقسمه السفلي Low back pain وتعرف اختصاراً بـLBP.
في الغالب الأعم، فإن أوجاع الظهر لا تنبع من مشكلة خطيرة، شأنها في ذلك ككل الأعراض الشائعة. ويختلف علاج آلام الظهر باختلاف أسبابه، فقد يكون بسيطاً كبعض العقاقير المسكنة للألم أو الأدوية المضادة للالتهابات، وقد يكون ببعض التمارين الحركية أو العلاج الطبيعي – الفيزيوترابيا، ولكنه في بعض الأحيان النادرة، قد يستلزم تدخل المشرط وغرفة العمليات.
متى نزور الطبيب؟
هنالك عدة حالات تكون مرافقة لآلام الظهر تستلزم المعاينة الطبية لأنها قد تشكل خطراً على صحة المريض، إذا لم يتم علاجها بالشكل الصحيح. سنستعرضها مصنفة حسب درجة خطورتها كالآتي:
أولاً: الأعراض التي تستلزم معاينة طبية عاجلة:
1. أعراض مرضية تتعلق بأداء الجهاز البولي ومسالك البول، كعدم القدرة على التحكم بعمل المثانة "التبول اللاإرادي" Urinary incontinence
2. أعراض تتعلق بالتحكم في عضلات فتحة الشرج والأمعاء، كالتبرز اللاإرادي.
3. الحمى.
4. عدم القدرة على تحريك العمود الفقري أو انحسار حركته في مجال محدد.
5. آلام شديدة بعد التعرض لإصابات خارجية أو الوقوع على الأرض.
6. أوجاع بطن نابضة.
ثانياً: الأعراض التي تستلزم معاينة طبية غير عاجلة:
1. آلام الظهر المزمنة.
2. إذا كان الألم يمتد من الظهر لمنطقة الورك والقدم، أو يسبب الخدر في الأرجل.
3. آلام تزيد حدتها ليلاً.
4. انخفاض في الوزن.
5. حالة ضعف وهبوط في القوة.
6. إذا بدأ الوجع بعد جيل الخمسين.
7. وجود هشاشة العظام لدى المريض.
8. وجود أي نوع من مرض السرطان لدى المريض.فيديو: كيفية الجلوس السليم
ما هي أسباب أوجاع الظهر؟
سنذكر أكثر الأسباب انتشاراً مقسمة إلى قسمين رئيسيين.
أولاً: أسباب ميكانيكية والتي تشكل 97% من مجموع الأسباب، ويُقصد بها تلك الأسباب الناتجة عن خلل في الجهاز الحركي والذي يضم العظم بما في ذلك فقرات العمود الفقري والغضاريف والعضلات والأربطة.
1. شد أو انقباض عضلي Muscle strain ، وهي أكثر الأسباب شيوعاً وعلاجها يكون بالأدوية المسكنة للآلام والحركة أو العلاج الحركي والطبيعي (فيزيوترابيا)، وكذلك يُنصح بتغيير أسلوب الجلوس وحمل الأغراض، لأنها غالباً ما تكون سبباً في أوجاع عضلات الظهر السفلية.
ننوه هنا إلى أنّ الراحة وقلة الحركة قد تزيد من الأوجاع.
2. وثء الأربطة (شد أو تمزق الأربطة Sprain) ويكون نتيجة حركة تتعدى النطاق الطبيعي للمفاصل والأربطة مما يؤدي لشد زائد للأربطة وربما تمزيقها. العلاج يكون شبيهاً بعلاج الشد العضلي.
3. انزلاق غضروفي "الديسك" Bulging disc. يتسبب بالألم فقط في حال كان الغضروف الفقري يشكل ضغطاً على الحبل الشوكي أو الأعصاب الخارجة منه، مما يؤدي إلى امتداد الوجع على طول هذا العصب كالأرجل ومنطقة الأعضاء التناسلية. التشخيص يتم غالباً بواسطة الـCT أو الـ MRI.
لا بد من الإشارة هنا إلى أن وجود نتوء أو انزلاق غضروفي في تصوير الظهر لا يدل بالضرورة على أن هذا الإنزلاق هو سبب الوجع، وذلك لكثرتها حتى عند من لا يعاني من أوجاع في الظهر.
العلاج يكون عادة بالأدوية المسكنة والعلاج الحركي، ونادراً ما يتم اللجوء للجراحة.
4. الفُصال، Osteoarthrosis وهو إحدى أمراض "التهابات المفاصل"، ويتسبب بتآكل الغضروف مما يؤدي لزيادة الضغط على العظام وأحيانا احتكاكها. وينتشر مرض الفصال بعد جيل الخمسين بشكل عام وعلاجه لا يختلف كثيراً عما تم ذكره في البنود السابقة.
5. هشاشة العظام Osteoporosis, هذا المرض لا يؤدي لأوجاع في الظهر إلّا في حالة تسببه في كسور وخاصة في فقرات الظهر، وهذه الكسور تختلف عن الكسور العادية بأنها تنجم نتيجة التعرض لضربات أو هزات خفيفة، وغالباً ما لا ينتبه لها المرضى كبار السن. ولذلك ينصح بالتصوير السيني "رنتجن" لأي وجع ظهر يطرأ في جيل ما فوق الخمسين. في أغلب الحالات يقتصر العلاج على الراحة وبعض الأدوية المسكنة بالإضافة لمعالجة هشاشة العظام بالطبع.
ثانياً: أسباب غير ميكانيكية، وتشكل 3% فقط من الأسباب. وهي مجموعة من الأمراض غير المرتبطة بأداء الجهاز الحركي، أهمها:
1. الإلتهابات الجرثومية "البكتيريا"، والتي قد تصيب فقرات العمود الفقري وتؤدي إلى أوجاع موضعية ومحددة في الفقرات المصابة، وتكون مصاحبة بالحمى والآلام الشديدة.
2. أورام حميدة وخبيثة تصيب الحبل الشوكي.
3. التهابات مفصلية كتلك المرافقة لبعض أمراض المناعة الذاتية Autoimmune disease، أهم هذه الأمراض التهابات الأمعاء من نوع كروهن أو التهابات القولون التقرحية Ulcerative colitis، أو مرض الصدفية وغيرها.
4. أمراض الكلى والتي يمتد وجعها للظهر، كالتهابات الكلى أو انحسار البول في حوض الكلية أو حالبها.
5. توسع الشريان الأبهر البطني Aortic aneurysm.
6. أمراض في مجال البطن أو الحوض تمتد أوجاعها للظهر.
7. التهاب في مفصل الورك، قد يظن أن سبب الوجع في الظهر السفلي بسبب التقارب العضوي. ما هي سبل تشخيص أوجاع الظهر؟أولاً: التصوير المسطح بالأشعة السينية "الصورة العادية - رنتغن".
الهدف منه التعرف إن كان هنالك كسر في الفقرات أو تغير في شكلها ومبناها كالذي يحصل في بعض التشوهات الخلقية أو بعد الحوادث.
وما دون ذٰلك فإن هذا النوع من التشخيص لا يفيدنا بالكثير، وإن كثر استخدامه من قبل الأطباء.
ثالثاً: التصوير الطبقي المحوسب بالأشعة السينية CT, وهو يعتمد أيضاً على الأشعة السينية – رنتغن، ولكنه يعرض الجسم لكميات كبيرة من هذه الأشعة مقارنة بالتصوير العادي، وهو يفيدنا بتشخيص الإنزلاقات الغضروفية أو بعض أنواع الأورام وكذلك بالكشف عن الكسور الطفيفة والالتهابات.
رابعاً: التصوير بالرنين المغناطيسي MRI, وهذا النوع يعتمد على قوة المغناطيس ولا تدخل فيه الأشعة السينية الضارة، وهو يعتبر من أفضل وأدق أنواع التشخيص لأمراض الظهر والعمود الفقري وأكثرها أماناً. ولكنه غير متوفر بالبلاد إلا ببعض المراكز الطبية الكُبرى، كما أنه مكلف جداً من الناحية المادية. يُلجأ إليه عادة بعض فحص الـCT بحال لم يطلعنا على نتائج كاملة. وكذلك قبل إجراء عمليات في العمود الفقري. وهو بحاجة لموافقة خاصة من قبل هيئة مختصة قبل إجرائه بخلاف الفحصين السابقين.رابعاً: مسح العظام المشع Bone scan
يحتوي أيضاً على الكثير من الإشعاع الضار، وقليلاً ما يُلجأ إليه لوجود البديل الأفضل
كيف نحمي أنفسنا من آلام الظهر؟
يمكننا أن نتجنب آلام الظهر بعدة وسائل أهمها:
أولاً: ممارسة الرياضة بشكل دائم، وخاصة تلك التي تقوى عضلات البطن والظهر كالسباحة وغيرها.
ثانياً: اتباع التعليمات والإرشادات في العمل الذي يتطلب جهداً بدنياً. كذلك ملائمة الكرسي والحاسوب للجسم ووضعيته في العمل المكتبي.
ثالثاً: المحافظة على الوزن الملائم.
رابعاً: الإقلاع عن التدخين، إذ أثبتت الأبحاث علاقته بأوجاع الظهر.
خامساً: الحذر من التعرض لإصابات واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الوقوع وخاصة عند الكبار في السن وذلك لمن لتفادي الكسور في فقرات العمود الفقري.