قلة هم أولئك الذين يعرفون حقيقة الدهون المهدرجة، إذ إن الغالبية الساحقة من الناس يستهلكونه في المنتوجات الغذائية المصنّعة والوجبات السريعة دون أن يعوا تداعياته الصحية الخطيرة على جسم الانسان، وقد انتشر استهلاك الدهون المهدرجة منذ سنوات الأربعينات وانتشر استخدامه في الأعوام الأخيرة في التصنيع الغذائي لأنه يطيل من مدة صلاحية المنتوج وهو أقل تكلفة من الدهون الحيوانية.
يشار إلى أن الدهون المهدرجة هي دهون اصطناعية لأنها ليست موجودة في الطبيعة وإنما تصّنع عن طريق تعريض الزيت السائل إلى درجات عالية من الحرارة والضغط ثم ضخ الهيدروجين لتحويل الخليط إلى مادة صلبة أو صلبة جزئيًا. ومن الجدير بالذكر أن الدهون المهدرجة جزئيًا، وتدعى أيضا دهون من نوع ترانس (trans)، هي أخطر أنواع الدهون إطلاقا على صحة الإنسان.
ولعل ما يثير القلق في الدهون المهدرجة جزئيًا هو قدرتها على الدخول إلى أغشية خلايا الجسم لتصبح جزءًا من تركيبها. وأكدت الأبحاث أن خلايا الجسم التي تحتوي أغشيتها على الدهون المهدرجة جزئيا تصبح ضعيفة، مشوّهة، وذات وظائف مختلة. فعندما يستهلك الإنسان أغذية تحتوي على دهون مهدرجة جزئيًا، تبدأ هذه الدهون بالتراكم التدريجي في أغشية خلايا جسمه لتتلفها، مسببة الأمراض المختلفة. وبمجرد أن الدهون المهدرجة جزئيا دخلت الجسم وأصبحت جزءًا من أغشية الخلايا، فإنها تمكث في هذه الأغشية بصورة دائمة حيث أن الجسم لا يمكنه التخلص منها أو استبدالها بمركبات دهنية صحيّة!
وتعد الدهون المهدرجة اليومأخطر أنواع الدهون على صحة القلب والشرايين، وخصوصاً الدهون المهدرجة جزئيًا – ترانس، إذ أنها تغيّر من تركيب جدران الشرايين لتصبح صلبة وعرضةً للتكلّس. إضافةً إلى ذلك، تبقى الدهون المهدرجة جزئيًا في مجرى الدم لفترات طويلة، وتكون أكثر عرضة للترسب على الشرايين. ومن جانب آخر، يرفع استهلاك الدهون المهدرجة من مستوى الكولسترول السيئ (LDL cholesterol) ويخفّض من مستوى الكولسترول الجيد (HDL cholesterol). ويقدّر أن الدهون المهدرجة جزئيًا مسؤولة عن 30 ألف حالة من الموت المبكر في الولايات المتحدة الأميركية سنويًا. وأكدت دراسة أميركية أن تناول كمية قليلة يومية من الدهون المهدرجة الجزئيا تعادل 2% فقط من السعرات الحرارية المستهلكة يوميًا مرتبط بارتفاع في خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بمعدّل 93%!
واستنادا إلى دراسة أخرى، فإن استهلاك 5 غرامات من الدهون المهدرجة جزئيًا، أي من نوع ترانس، أي ملعقة صغيرة من المارجرين أو السمنة النباتية، يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين بمعدل 29%!
إضافةً إلى أمراض القلب والشرايين، يرتبط استهلاك الدهون المهدرجة بأمراض مزمنة كثيرة من بينها السمنة في منطقة البطن، السكري، مرض الزهايمر (الخرف)، هشاشة العظام، والأمراض السرطانية.
تتواجد الدهون المهدرجة في عديد من المنتجات المصنّعة، من بينها:
- السمنة النباتية
- المارجرين
- مبيض القهوة
- بعض أنواع الخبز
- معظم أنواع المعجنات التجارية
- البوريكس
- الكرواسون
- الحمص المصنّع
- معظم أنواع المايونيز
- زبدة الفستق
- البسكويت
- معظم أنواع الشوربات الجاهزة
- معظم أنواع النقرشات المصنّعة
- البيتزا
- بعض أنواع حبوب الصباح
- بعض أنواع البوظة
- معظم أنواع الشوكولاتة
- معظم أنواع البطاطا المقلية في مطاعم الوجبات السريعة
ولعل الإبتعاد عن الإغذية المصنّعة قدر الإمكان يشكل أفضل وسيلة لتجنّب استهلاك الدهون المهدرجة. ويعتبر التعرّف على المنتجات المصنّعة الخالية من الدهون المهدرجة من أكبر التحديات للمستهلك، إذ إن شركات التصنيع الغذائي غالبًا ما تكتفي بكتابة عبارة "دهن نباتي" في لائحة المحتويات، دون أن تحدد نوع الدهن النباتي وعما إذا كان سائلا أو مهدرجا. وفي هذه الحالة، ينصح بالإستعانة بجدول المعلومات الغذائية لـ 100 غرام الموجود على غلاف المنتوج، واعتماد القاعدة الغذائية التي تقول إن المنتوج الذي يحتوي أكثر من 1.5 غرامات من الدهون المشبعة يحتوي بالتأكيد على كمية عالية من الدهون المهدرجة.
مثلاً، إذا قارنت بين نوعين من البسكويت، أحدهما يحتوي على 5 غرامات من الدهون المشبعة في 100 غرام من البسكويت، والثاني 0.8 غرامات، فبالتأكيد أن الثاني أفضل من الأول. ولا شك أن النقرشات الطبيعية مثل الترمس، الحاملة، الذرة الصفراء، البشار، الخضار، الفواكه، الفواكه المجففة، والمكسرات هي صحيّة أكثر من جميع أنواع البسكويت!
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات