ما هو الهربس؟
الهربس هو اسم عائلة من الفيروسات أشهرها على الإطلاق (والمعروف جدا) هو الهربس من نوع 1 المسبب لمرض يتجلى على شكل تقرحات على الشفتين (Labial Herpes).
أفراد العائلة الآخرين هم الهربس من نوع 2، الذي يسبب بشكل خاص تقرحات في الأعضاء لاتناسلية (Genital Herpes) (القوباء التناسلية)، فيروس وريتزا زوستر المسبب لجدري الماء والقوباء المنطقية (الحزام الناري). وكذلك فيروس إبشتاين- بار EBV الذي يسبب مرض القبلة، وفيروس CMV (الفيروس المضخم للخلايا) الذي يمكن أن يضر الأجنة تنتمي إلى هذه العائلة.
ما هو الشيء الخاص في هذه العائلة؟
جميع الفيروسات من هذه العائلة تتميز بميزة مشترك: قدرتها على أن تكون كامنة، أي أنها قادرة على "السبات" داخل الجسم و"الانفجار" من حين لآخر. هذا هو سبب الأحداث المتكررة لهربس الشفتين أو الأعضاء التناسلية، وهو السبب أيضا في احتمال ظهور القوباء المنطقية (الحزام الناري) بعد سنوات من انفجار جدري الماء (هو نفس الفيروس). ما يعني أنه لا توجد وسيلة للتخلص من الفيروس بعد أن إصابتنا به، ويبقى فقط أن نتمنى أن يبقى في سبات لأطول مدة. وهذا بالفعل ما يحدث عادة.
هربس 1 وهربس 2- ماذا يفعلان؟
المرض الأكثر شيوعا الذي يسببه فيروس 1 هو فيروس ليبياليس (Labial Herpes) الذي يسمى باللغة الدارجة "سخونة" (Cold Sores). بعد إصابتنا بالعدوى تمتد فترة الحضانة ما بين الإصابة بالعدوى وظهور الأعراض الأولى ما بين يومين إلى 10 أيام. تظهر بعد فترة الحضانة تقرحات مؤلمة في تجويف الفم (خاصة في الحدث الأول) أو على الشفتين (خاصة في الأحداث المتكررة). في بعض الأحيان تظهر التقرحات في الخياشيم وأحيانا في الأعضاء التناسلية، على غرار هربس 2، في معظم الأحيان بسبب ممارسة جنس فموي بدون وقاية مع مريض.
يتميز المرض بالشعور بوخز يسبق ظهور التقرحات. بعد ذلك تظهر بثور صغيرة ومؤلمة، تنفجر لاحقا، وتمتلئ بالقيح ثم بعد ذلك تجف وتشفى. تستغرق كل هذه العملية في المرة الأولى ما بين أسبوع إلى أسبوعين. في بعض الأحيان يرافق الحدث الأول سخونة، ألم في العضلات وانتفاخ الغدد الليمفاوية المحلية.
بنفس الطريقة يسبب فيروس هربس 2 نفس المرض، لكن ذلك يتجلى بتقرحات في الأعضاء التناسلية وفي أحيان نادرة في الشفتين وتجويف الفم (على غرار هربس 1) - في الغالب نتيجة ممارسة جنس فموي بدون وقاية مع مريض. قد يكون الحدث الأول لهربس 2 أيضا مصاحبا بالسخونة وآلام حادة. تكون الآلام في بعض الأحيان حادة لدرجة أنها تسبب صعوبة في عملية التبوّل.
مع ذلك، فإنّ حوالي 20% من الأشخاص المصابين بعدوى الهربس لا تظهر لديهم أي مظاهر سريرية للمرض. نتيجة عدم ظهور أي عرض فإن هؤلاء ال- 20% ليس لديهم علم بمرضهم، ويتم الكشف عن ذلك بالصدفة في أعقاب فحص دم.
أمراض أخرى يسببها هربس 1 (وفي بعض الأحيان هربس 2 أيضا) هي التهاب قرنية العين، التهاب الدماغ أو أعصاب الجمجمة، مرض واسع للمولود أو مرض واسع لدى الأشخاص الذين يعانون من تثبيط حاد في الجهاز المناعي. جميع هذه الأمراض خطيرة ونادرة.
|
وماذا يحدث بعد الحدث الأول؟
يدخل الفيروس مرحلته الكامنة، أي "السبات" داخل الجسم. لدى بعض الأشخاص لا يشتعل الفيروس مرة أخرى أبدا، والطريقة الوحيدة لمعرفة أنهم أصيبوا بالفيروس هي من خلال فحص دم يوضح ذلك (ليس من المهم أبدا معرفة ذلك). لدى الأشخاص الآخرين يحدث انفجار مرة أخرى أو عدة انفجارات أخرى خلال السنوات القادمة. تكون الأحداث المتكررة في الغالب أقل حدة وتمتد لفترة أقل. هذا الأمر ينطبق على انفجارات هربس 1 وأيضا انفجارات هربس 2، بغض النظر عن موقع العدوى.
ما الذي يحدد ما إذا كانت ستحدث انفجارات متكررة؟
لا توجد طريقة للتنبؤ من هم المصابين الذين سوف يعانون من أحداث متكررة ومن لا. الضغط النفسي أو البدني، التعرض للشمس أو الجفاف، التعرض للبرد، مرض مصحوب بحرارة مرتفعة (من هنا الاسم "سخونة") أو صدمة محلية- جميعها يمكنها أن تكون عاملا محفزا للانفجار. هناك أشخاص يحدث لديهم انفجار نتيجة ضغط الامتحانات، بعض الأشخاص يعودون من عطلة تزلج أو رحلة استجمام طويلة في البحر مع شفتين مشتعلتين (هناك ثمن للمتعة...)، وهناك أشخاص لا نعلم ببساطة ما هو محفّز الانفجار لديهم.
هل هو مرض شائع؟
جدا. تشير التقديرات إلى أن حوالي 90% من المجموعة السكانية البالغة في الدول النامية قد تعرضوا للإصابة بهربس 1. تصل نسبة المصابين بالفيروس في الدول المتقدمة نحو 50% من المجموعة السكانية.
كيف تتم الإصابة بالعدوى؟
يتواجد الفيروس داخل سائل التقرحات وينتقل عن طريق الملامسة المباشرة بين شخص وآخر (على سبيل المثال في التقبيل أو ممارسة الجنس). تعتبر عدوى الهربس التناسلي مرضا جنسيا لأنه ينتقل من شخص لآخر من خلال الاتصال الجنسي.
يحدث انتشار الفيروس ومن ثم العدوى بشكل رئيسي وقت ظهور البثور لدى المريض، بما معناه ظهور تقرحات فعالة، لكن من الممكن أن تحدث العدوى عن طريق اللعاب في المرحلة الكامنة للفيروس حيث يكون الفيروس في مرحلة سبات وليس هناك أي علامة لوجوده. مع ذلك فدرجة العدوى أقل أهمية في هذه الفترات من الفترات التي تكون فيها التقرحات.
كيف يتم التشخيص؟
في الغالب لا حاجة للتشخيص المخبري لأن المظهر ومسار المرض نموذجي جدا بحيث يمكن تشخيصه على وجه اليقين. يمكن في حالات خاصة أخذ عينة من التقرحات وإرسالها للتشخيص الجزيئي (PCR). لا توجد قيمة لفحص الدم في التشخيص. في فحص الدم نرى أجساما مضادة للهربس لدى الأشخاص الذين تعرضوا للمرض في الماضي، حتى عندما نجري الفحص بدون وجود مرض نشط. كما ذكرنا سابقا أن أكثر من نصف السكان لديهم أجساما مضادة للهربس.
هل هو مرض خطير؟
هربس الشفتين وأيضا التناسلي ليس خطرا، لكنه يسبب الكثير من الألم وعدم الراحة.
المرأة التي تعاني من تقرحات الهربس في العضو التناسلي في نهاية الحمل قد تصيب طفلها عند الولادة بالعدوى مما قد يسبب مرضا خطيرا للمولود.
هل يوجد علاج؟
يختفي مرض هربس 1 وهربس 2 في الشفتين من تلقاء نفسه بدون علاج، ولا يلزم معالجته. لكن مع ذلك، فإن العلاج بمضادات الفيروسات يقلل من مدة الحدث وشدته، لذا فإنه في الحالات الخفيفة يبقى قرار العلاج أو عدم العلاج منوطا بتقدير رأي المتعالِج وطبيبه. في معظم الحالات إذا تم العلاج مبكرا (من المفضل على التو في مرحلة الوخز الأولى) فسيكون مسار المرض أخف وطأة.
كذلك أيضا تختفي عدوى الهربس التناسلي من تلقاء نفسها بدون علاج، لكن من المستحسن في هذه الحالات أخذ العلاج لتقليل الألم والمعاناة. هذه هي المستحضرات المتاحة في البلاد أمام المتعالِجين:
- أسيكلوڤير (الاسم التجاري زوڤيراكس، أسيكلو- ڤي)
- ڤيلسيكلوڤير (ڤلتركس)
بالإضافة إلى ذلك يوجد مرهم أسيكلوڤير للعلاج الموضعي، لكن هذا العلاج أقل فاعلية من العلاج بالحبوب.
علينا أن نضع في اعتبارنا أن العلاج بمضادات الفيروسات يؤثر فقط على الحدث الحالي؛ لكنه لا يؤثر على وتيرة حدوث الانفجارات المستقبلية.
هربس الشفتين. ليس خطيرا لكنه غير مريح بتاتا
|
كيف نحدّ من العدوى؟
- استخدام واقي ذكري لتقليل عدوى الهربس التناسلي والحد أيضا من الأمراض الأخرى المنقولة جنسيا.
- يجب تفادي القبلات أو ممارسة الجنس الفموي خلال فترة نشاط التقرحات.
- يجب الحرص على تخصيص أدوات مطبخ (صحون، ملاعق، كاسات) خاصة بالمريض- لكن فقط خلال فترة نشاط التقرحات. يمكن بهذه الطريقة تقليل خطر نقل العدوى للآخرين. كما أن غسل اليدين بعد ملامسة المخاط أو اللعاب يقلل من خطر نقل العدوى.
- للحد من انفجارات الهربس عليك استخدام كريم وقاية للشفتين عند التعرض للشمس/للريح/للبرد (على كل مريض أن يستعمل وسيلة الوقاية وفقا للعامل الذي يحفز لديه الانفجارات).
- في حالات الانفجارات المتكررة جدا أو الانفجارات التي تسبب المعاناة الكثيرة يمكن الأخذ بعين الاعتبار إمكانية أخذ علاج دوائي وقائي دائم لفترة طويلة، لكن يجب الأخذ بعين الاعتبار أيضا الفائدة المرجوة مقابل الضرر المحتمل.
- يمكن للوالدة التي تعاني من الهربس التناسلي وقاية المولود من العدوى بواسطة العملية القيصرية- التي تمنع مرور الطفل عبر قناة الولادة. يتوجب على كل امرأة حامل تعاني من عدوى الهربس التناسلي إبلاغ الطبيب المعالِج من أجل تفادي إصابة المولود بمرض يهدد الحياة. قرار استخدام العلاج بالأدوية أثناء الحمل منوط بتقدير رأي الطبيب المعالِج.
هل يوجد تطعيم ضد الهربس؟
لا
هل يمكن للطفل الذي يعاني من الهربس الذهاب لروضة الأطفال أو المدرسة؟
في الحدث الأول، الذي يتميز عادة بتقرحات متعددة في تجويف الفم، ويكثر سيلان لعاب الطفل، يُمنع إرساله إلى الروضة أو المدرسة. في الأحداث المتكررة، حيث تكون في العادة فقط "تقرحات سخونة" على الشفتين، لا مانع من إرساله إلى المؤسسة التي يتعلم بها.
دكتورة بات شيڤع غوتسمان طبيبة كبيرة في عيادة الأمراض المعدية في المركز الطبي مئير، من مجموعة كلاليت
