احتواء مشاعر الطفل أولاً
من الجدير أن نعرف وأن ندرك أن الأمر ليس مقتصرًا على الكبار فقط، فالرضيع أحيانًا عندما لا يجد من يسليه وعندما يشعر أنه وحيد، أو حينما يشعر بالضجر، ويتجسد تجاوب الأهل معه بتقديم الطعام، فقد تنشأ لديه الرغبة في تناول الطعام بدون الشعور بالجوع. الأخصائية الاجتماعية إيمان خلف تقول إن الأطفال لا يتجهون نحو تناول الطعام، فقط عند الشعور بالجوع، ففي حالات معينة، تكون هذه الرغبة نابعة عن خلل في الاتصال بين الأهل وبين الرضيع وفي فهم الإشارات التي يطلقها الرضيع للتعبير عن احتياجاته العاطفية.. فيما يلي محاولة جدية لاختراق عالم الصغار.
هنالك اليوم ظاهرة السمنة والوزن الزائد لدى الأطفال، فهل هنالك جوانب نفسية اجتماعية لتفسير هذه الظاهرة.
هذه الظاهرة واسعة ومنتشرة في مجتمعنا وكذلك في مجتمعات أخرى، فزيادة الوزن لدى الأطفال والاضطرابات في عملية تناول الطعام، في حالات كثيرة تكون نابعة عن أسباب نفسية اجتماعية وليست فقط عن أسباب فزيولوجية، وهنالك أبحاث في هذا الموضوع، فالدكتور إيران شتور كان قد طور أدوات لتشخيص الإشكالات في تناول الطعام لدى الأطفال، فوجدنا بموجب بحثه أن هنالك عدة مؤشرات، منها:
1- اضطرابات في تناول الطعام مرتبطة بوجود خلل في عملية التحكم لدى الطفل وهذه الاضطرابات تبدأ بالظهور مباشرة بعد الولادة.
2- إشكال في العلاقة التبادلية والاتصال بين الأم والطفل وهذا الأمر يبدأ في سن ما بين 2-6 أشهر.
3- ظاهرة "الانروكسيس المتطرف" (أي التجويع الذاتي)، وهي الامتناع المتواصل عن تناول الطعام، تبدأ في فترة الانتقال من التغذي عن طريق الزجاجة إلى التغذي عن طريق الملعقة. وهذا الخلل هو ما يميز رضع في سن ستة أشهر حتى ثلاث سنوات، حيث نجد أن العلاقة ما بين السبب والنتيجة تأخذ مفهومًا آخر لدى الطفل. فالطفل في هذه السن يلاحظ الفروق ما بين الإحساس بالجوع وبين الشبع وكذلك بالنسبة الأحاسيس الأخرى التي يشعر بها، ولكن عندما لا "يقرأ" الوالد/ة إشارات الطفل ويتم تقديم الطعام "لسد" احتياجات الطفل العاطفية، يختلط الأمر على الطفل بين الشعور بالجوع وبين الشعور بالحاجة للاهتمام العاطفي من قبل الأهل.. وهنا يقوم الطفل بتناول الطفل، أو الامتناع عن تناول الطعام، لدى شعوره بالملل أو بـأنه وحيد، أو غاضب، هذا يعني أن تناول الطعام يصبح الوسيلة لتنظيم حالة الطفل العاطفية وهذا الأمر يقود إلى الاضطرابات في الطعام.
4- قد يكون هنالك نفور، أحيانًا، من تناول الطعام بجانب طاولة الطعام.
5- وقد يكون الخلل في تغذية الطفل ناتج عن سبب طبي.
6- خلل نابع عن "بوست تراوما" (أي أزمة ما بعد الصدمة)، فأحيانًا هنالك أطفال وبسبب مرورهم في حالة اختناق بسبب ابتلاع الطعام أو بسبب إصابتهم مرة بالغثيان، قد تنشأ لديهم حالة من الرفض لتناول الطعام.
ما هو دور الأهل؟
للأهل الدور المركزي في هذه السن للتغلب على هذه الاضطرابات، أو لمنع نشوئها، فعلى الأهل وضع الحدود بالنسبة لعدد من الأمور المتعقلة بتناول الطعام، مثل: ماذا؟ أين؟ ومتى يأكل الطفل.
ومن جهة أخرى هنالك ضرورة لإتاحة مساحة من الحرية للطفل خلال تناول وجبة الطعام وفي الوقت نفسه وضع الحدود لمنع تصرفات غير ملائمة خلال تناول الطعام.
أهمية الشعور بالجوع
ماذا بالنسبة لعدد وجبات الطعام؟
هذا الأمر يفرض على الأهل تنظيم برنامج وجبات ثابت، بحيث يتم المحافظة على فترة أربع ساعات على الأقل بين وجبة وأخرى، وبدون نقارش خلال فترة "الاستراحة" هذه، من أجل أن نتيح للطفل الشعور بالجوع، بحيث يكون الجوع هو الدافع لدى تناول الطعام، لا دوافع عاطفية أخرى.
وفي حال رفض الطفل التقيد بما يجب أن يفعل؟
هنالك أهمية لتوصية الأهل باعتماد طول النفس والصبر لدى قيام الطفل بالنزول عن الكرسي أو بإلقاء الطعام، على الأهل هنا أن يتفهموا حاجة الطفل لجعل عملية تناول الطعام جزءًا من تطوره، فما يظهر لنا كتخريب أو تعدٍ ما هو إلا فحص يقوم به الطفل للاكتشاف والتعامل مع المواد، وبالتالي فهذا الأمر يساهم في تطور الطفل الحسي والعاطفي وقدراته، ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال مراقبة الأهل للطفل ومن خلال تحديد المكان.
بالطبع في مثل هذه السن لا يمكن التوجه للطفل بتوصيات، ولكن ماذا يمكننا أن نفعل لإكساب الأطفال سلوكيات مناسبة؟
علينا أن نثقف الطفل على السيطرة على كمية الطعام التي يتناولها، لكي يستطيع الطفل تنظيم عملية تناول الطعام بموجب شعوره الداخلي بالجوع أو الشبع.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات