بحث

dsdsdsd
مشاهدة الطفل للتلفاز

تربية الطفل: أنتم وأطفالكم والحرب

هل نغلق التلفاز أمام الطفل، أو ننتقل لمحطة أخرى عند ظهور الصور اليومية للحرب.. أم نتركه يشاهدها؟ هل نفسر له ما يشاهده أم هل نتركه يفسرها بنفسه؟كيف يعبر الطفل عن حالة الخوف والهلع التي يواجهها وما هو دور الأهل في مساعدة الطفل في مواجهة حالات التوتر والخوف

العاملة الاجتماعية ايمان خلف

استمرت عيناه تراقب الطيارة في السماء. بينما كانت قدماه تجره إلى الخلف. تساءل: "هاي طيارة؟!". أجبت : "نعم، طيارة عادية".. لكن عينيه واصلت التحديق في السماء، ثم همس: "احملني بديش أمشي"، حملته واحتضنته وقلت:"تخافش أنا معك".

هذه ليست فقرة من  قصة قصيرة، إنما هي وصف أب من شمال البلاد عن حال ابنه ابن الثلاث سنوات ونصف عندما رأى طائرة في السماء، خلال الحرب. قال الوالد: "لم اعرف ماذا علي أن أفعل في مثل هذا الموقف"، الأمر الذي اخذ يتكرر مع تزايد أسئلة ابنه أمام كل مشهد لأطفال مصابين على شاشة التلفاز. لا شك أن الكثير من الأهالي واجهوا أسئلة مشابهة أو لاحظوا التغيير في مزاج أطفالهم أو تصرفاتهم.

هل نغلق التلفاز أمام الطفل، أو ننتقل لمحطة أخرى عند ظهور الصور اليومية للحرب.. أم هل نتركه يشاهدها؟ .. هل نفسر له ما يشاهده من مناظر صعبة، أم هل نتركه يفسرها بنفسه؟..كيف يعبر الطفل عن حالة الخوف والهلع التي يواجهها؟. ما هو دور الأهل في مساعدة الطفل في مواجهة حالات التوتر والخوف؟

يعاني الأطفال، كما هو الأمر لدى الكبار، من التوتر والخوف والشعور بالعجز بسبب أزمات قد يشهدونها في حياتهم مثل انفصال الوالدين أو حالة الفقدان.

 إن أصعب الحالات التي يواجهها الطفل هي حالة الحرب، فهي تمس وجوده وخلال ذلك يحس الطفل بأنه أسير، كما هو الأمر الآن خلال الحرب في الجنوب وغزة، فهناك يعيش الأطفال تحت الخطر المباشر، وفي  المناطق الأخرى فالخطر غير مباشر.

في كلا الحالتين فإن الأطفال يصابون بحالات الهلع، فالطفل الذي لا يعيش تحت القصف مباشرة، فهو يشاهد، عبر وسائل الإعلام المختلفة، المشاهد المروعة لأطفال وبالغين مصابين، وهذا يعني الانكشاف لخطر يهدد البقاء والوجود. تسمى حالات الهلع هذه بالصدمة وما يعقبها من اضطرابات تسمى "ما بعد الصدمة".

مشاهدة الصور أو الاستماع للأخبار، بصورة غير متواصلة، تعتبر صدمه ثانوية ومن الممكن أن تؤدي الأمر إلى اضطرابات إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح.

يظهر الخوف بمستويات مختلفة:

المستوى الجسدي: حيث يعاني المصدوم من آلام البطن أو/و الرأس أو/و اضطرابات في الأكل والنوم وحالات التقيؤ.

المستوى العاطفي: المعاناة من توتر وعصبية، يتم التعبير عنهما بالعنف والتعلق بالآخرين، (خاصة الوالدين)، وأيضا بالبكاء الغير المبرر والاكتئاب.

إضافة لذلك يؤدي الخوف والقلق للوصول لحالة من التيقظ المستمر والمبالغ به- حركه زائدة- عدم التركيز- وحالة من التشوش.

في حالات معينه من الممكن أن تظهر كل هذه الاضطرابات وفي حالات أخرى يظهر قسم منها.

 هده الأعراض هي أعراض طبيعيه جدا لوضع غير طبيعي يعيشه الإنسان وخاصة الأطفال، إذ أن الطفل لا يملك الثروة اللغوية الموجودة لدى الكبار، للتعبير عن مشاعره، إضافة لدلك فالطفل لا يملك القدرة على تحليل الوضع وتنقصه خبرة الحياة التي تمكنه من اتخاذ قرارات والقيام بفعاليات تساعده على التخلص من الأزمة فتبقى هده الأعراض، إذا لم يتم التعامل معها، وتتفاقم أكثر وتؤدي لنشوء اضطرابات نفسيه لدى الطفل.

بالنسبة للأطفال الصغار الذين يعيشون حالات القلق والخوف فهم مرتبطون ارتباطاً كاملا من الناحية العاطفية بالوالدين فهم متأثرون جدا بمزاج الكبار ويشعرون بالخوف والقلق عند الكبار حتى لو لم يتفوه الأهل بكلمة واحدة بهذا الخصوص، فالطفل يشعر بقلقهم عميقاً في داخله.

لقد قام باحثون خلال الحرب العالمية الثانية بإجراء بحث حول تأثير الحرب على الأطفال الصغار فوجدوا بأن الأطفال الذين بقوا تحت القصف بمرافقة أهلهم عانوا من صعوبات واضطرابات أقل من الأطفال اللذين أُبعدوا عن أهلهم وتواجدوا خلال القصف في أماكن آمنة.

 ولذلك فالطفل بحاجة لمرافقة أهله ولمساعدتهم ولحمايتهم. ومن هنا، فنحن نتوجه للأهل لمرافقة ودعم الأطفال لكي يعبروا هذه المرحلة الحرجة بأقل الأضرار.

 يقول المختصون بأن واجب الأهل هو الإجابة على أسئلة الطفل بطريقه واضحة ومباشرة، فمن المهم التحدث حول المخاطر الملموسة، وهذا بالطبع أفضل من الإجابات الخيالية التي من الممكن أن ينسجها الطفل في خياله ويعيش معها، وذلك في حال عدم الحصول على الإجابة على أسئلته، لأن المخاطر الناتجة عما ينسجه خياله تكون أصعب ومخيفه أكثر من المخاطر الواقعية لأنها بالطبع غير مراقبه.

لذلك على الأهل أن يجيبوا على أسئلة الطفل، كي لا تتطور في خياله مخاوف لا مخرج منها، وليتذكر الأهل بأن الطفل يبني ويتخيل الوحوش فحتى لو أبعدناها تبقى حية في مخيلته.

خلال سيرورة تطور الطفل الطبيعية يتعرض لمخاوف وتخيلات، تشكل جزءاً هاماً في سيرورة بناء شخصيته واكتسابه للأدوات لمواجهة العالم من حوله.

للبالغين، حول الطفل، وظيفة هامه جدا في مرافقة هذه السيرورة: فتقع على عاتقهم مهمة مساعدته، فمن جهة إيلاء أهمية لتفسير الأحداث غير الواضحة للطفل، ومن الجهة الأخرى تقع عليهم مهمة حماية الطفل ومساعدته بأن لا الشعور بالذنب لدى تواجد الطفل في أوضاع لا يمكنه مواجهتها والتعامل معها.

هذه الأحداث تهدد شعور الأمان لدى الأطفال الصغار إذا لم يفسرها الأهل بصدق، فهي تؤدي لقيام الطفل بتفسيرها هو لنفسه، وهذه التفسير الخاص به يؤدي لحالات من الرعب، وأحياناً الهلع، لأن عالم الأطفال الداخلي مكون من خيال وأوهام. يفهم الطفل الأحداث من حوله عن طريق قصص يؤلفها هو بنفسه وهذه القصص تتناسب مع طريقة تفكير الأطفال التي تعتمد على التداعيات والأساطير وهذا بالطبع يسبب تعميق المخاوف لديهم وكذلك تفاقم  الأزمة النفسية.

لصور التي يراها الأطفال تسبب بتشويه معالم الحدود فبالرغم من أن الحدث بعيد إلا انه قريب ومهدِّد، ويسبب للمشاهدين أحاسيس التضامن ووحدة المصير.

لقد تم التطرق أعلاه إلى أبعاد الحرب وتأثيرها على الأطفال. أما بالنسبة للمراهقين، فبالإضافة إلى  التوتر والاكتئاب والشعور بالعجز، فالفتيات بشكل خاص يعانين من خوف وتيقظ زائد أما الفتيان فإنهم يتوجهون نحو تصرفات تتسم بالمخاطرة قد تؤدي إلى مخاطر على حياتهم، ويرجع ذلك أن الفتيات لديهن عادة نزعة "الانطواء"، بينما نشهد العكس لدى الفتيان، فلديهم نزعة "الإظهار"، وهذا الأمر يظهر جليا لدى الشعور بالضائقة ولذلك من المهم التحدث معهم حول مشاعرهم ومشاركتهم.

بناء على ما تقدم إليكم النصائح للتعامل مع الأطفال وقت الأزمات  والصدمات:

1- ألمحافظه على نظام يومي روتيني فالروتين يمنح الأطفال الشعور بالأمان.

2- الإصغاء للطفل ومنحه الفرصة للتعبير عن مشاعره ومخاوفه بدون الاستهتار بما يقول ومنحه الوقت للعودة إلى تصرفاته العادية السابقة.

3- تقديم دعم عاطفي متواصل من خلال ملاطفته واحتضانه حتى يشعر الطفل بالأمان.

4- في حال ظهور علامات خوف جسدية، من المهم عرض الطفل على الطبيب للتأكد من عدم وجود مشاكل جسمانية، ولكن من المهم جداً، وفي ذات الوقت، عدم المبالغة بإيلاء الموضوع أهمية مبالغ فيها، وكذلك عدم  التعامل مع الطفل وكأنه مريض.

5- تقديم المعلومات بشكل صحيح ودقيق بدون تجاهل جزء من أسئلته.

6- محادثه صريحة حول المخاطر الحقيقية والواقعية.

7- إذا غير الطفل تصرفاته فمن المهم عدم الضغط عليه ومن المهم أيضاً أن يدعمه الأهل وأن يكونوا إلى جانبه لأنه يريد فعلا التغيير ولكنه لا يستطيع ذلك. يجب تجنب سؤاله مثلاً: "ليش بتعمل هيك؟"، فالدعم والحضن الدافئ والقرب الجسدي والدفء هي أهم طرق لمساعدته.

8- بالنسبة للطفل الهادئ جداً- من المهم منحه الفرصة للخروج من الأزمة بالوتيرة التي تناسبه، ومن جهة أخرى يكون الطفل الثائر بحاجه لدعم بالغ ليكبح جماحه، فهنا مثلاً من المهم أن يقول البالغ للطفل "أنا رايح أدير بالي عليك" والقيام باحتضانه وتوجيهه لفعاليات يحبها، والامتناع عن النقد والغضب والعقاب.

9- يجب  تقويه ثقة الطفل بنفسه.

10-تشغيل الطفل في مساعدة الآخرين.

تلخيص

لقد تحدثت عن الدعم للأطفال من خلال محادثتهم واحتضانهم ومنحهم الشعور بالأمان وأن هنالك إنسان بالغ يقوم بحمايتهم حتى لا تتطور لدى الطفل مشاكل عاطفية. من الضروري الانتباه أن الطفل بحاجة للحماية ولحضن دافئ وبأنه إذا لم يحصل عليهما فإنه يشعر بالضياع وهذا الضياع يؤدي لنشوء وتعميق مشاعر الرعب لديه وعندها قد يصبح إنسانا بالغا مهزوزاً وغير واثق بنفسه.

* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات

الانضمام إلى كلاليت

الانضمام إلى كلاليت

كلاليت بحر مليء بالثروات....ترغبون بالحصول على بعضها؟

املأوا البيانات ومندوبنا سيتصل بكم

املأ بياناتك وسنرد عليك في أقرب وقت ممكن

الحقول المطلوبة

قم بالتحديد على الخيار الأمني

يرجى ملاحظة أنه تقدم معلومات شخصية حساسة في النموذج