- عندما نذكر كلمة عائله فما يتوارد لأذهاننا هو مفاهيم الحب والحماية والمشاركة والود والأمان. وعندما نذكر كلمة عنف فما يتوارد لأذهاننا هو الحزن والألم والخوف والرعب.
- الصمت يشرعن العنف، والسؤال المطروح بكل قوة: هل قيمة العائلة واحترام خصوصيتها أسمى من قيمة حياة الإنسان؟
ظاهرة العنف موجودة في كل المجتمعات، ولدى جميع الشرائح بدون تفريق ما بين قوميه أو دين أو مركز اجتماعي أو اقتصادي. تشير الأبحاث الأخيرة في هذا المجال إلى الوضع الاقتصادي والضغوطات النفسية كعوامل ذات تأثير آخذ في الازدياد على نشوء العنف.
تفاقم ظاهرة العنف في الشارع، من حيث الكم والحدة، آخذ بالازدياد. هذا النوع من العنف يواجَه من قبل المجتمع بالمعارضة وعدم التقبل والامتعاض، وفي المقابل فإذا كان العنف متعلقا بالعنف داخل العائلة، نجد أن رد الفعل يتميز بالصمت وحتى التستر عليه بحجة أن منزلة "قيمة العائلة" سامية، والتدخل في شؤون العائلة هو أمر غير أخلاقي.
وهنا يطرح التساؤل، هل قيمة العائلة واحترام خصوصيتها أسمى من قيمة حياة الإنسان؟
هذا الصمت حيال العنف الأسري هو الذي يقودنا لاعتباره من أخطر أنواع العنف. فإضافة إلى تداعياته وتأثيره على تبني لغة العنف واستعمالها خارج حدود الأسرة، فقد أثبتت الأبحاث بأن الطفل المشاهد للعنف تجاه أمه يتبنى لغة العنف أكثر من الطفل الذي يتعرض بنفسه للعنف. تداعيات العنف هذه تهدد بالتالي كيان مجتمعنا بأسره.
ومن جهة أخرى فالمرأة هي كما الرجل عمود أساس ولها دور رئيس في المجتمع عامة وفي تربية الأطفال خاصة فإذا كانت هي نفسها تعاني من العنف فأية قيم سيكتسب الأبناء؟
العنف الأسري كظاهرة اجتماعية مقلقلة يشمل استعمال العنف تجاه الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة والكهول. هنا يمكن أن يطرح التساؤل: لماذا تم استثناء الرجال؟ السبب هو أنه حقًا يوجد رجال معنفون بنسبة 3%، ولكن يتبين أن العنف تجاه الرجل لم يكن دافعه الجنسانية، لذلك لا يتم تعريف العنف تجاه الرجل كظاهرة اجتماعيه.
تعريف العنف تجاه المرأة:
يعتبر العنف تجاه المرأة ظاهره اجتماعيه، تعبر عن فعل عنيف من قبل الرجل تجاه زوجته، هذا الفعل توجهه عصبية الجنس ويترتب عليه الأذى والمعاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بالحرمان التعسفي من حيازة الحرية.
العنف داخل الأسرة هو أخطر أنواع العنف لان الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية التي تهدف إلى منح الدعم والتعاون والحب والحماية لأفرادها.
من الممكن أن يمر كل فرد ، الرجل أو المرأة، في تجربة العنف الأسري، إلا أن العنف تجاه النساء هو ظاهرة اجتماعيه خطرة، كونه يحدث داخل العائلة وأيضا لان المجتمع يتستر عليه ويصمت حياله.
ماذا توفر العائلة
عندما نذكر كلمة عائله فما يتوارد لأذهاننا هو مفاهيم الحب والحماية والمشاركة والود والأمان
وعندما نذكر كلمة عنف فما يتوارد لأذهاننا هو الحزن والألم والخوف والرعب.
فكيف بالإمكان أن نجد الحب والحماية والأمان والمشاركة داخل أسره تعاني فيها المرأة من العنف؟؟
إن أسباب العنف متعددة وأولها تخص الرجل المعتدي، فهو نفسه لا يملك المهارات للتعامل مع غضبه ومع مشاعره السلبية سوى عن طريق ردود الفعل الاندفاعية وتحميل المرأة جريرة تصرفاته العنيفة.
الأسباب الأخرى لظاهره العنف هي أسباب اجتماعيه تتعلق بالنظرة الدونية للمرأة. هذه النظرة تجعل الرجل ينظر للمرأة كأنها ملك له، ويشعر بأن من حقه فرض إرادته عليها ويجد الدعم من المجتمع الذي يسكت ويتسامح معه.
العنف هو مسؤولية الشخص المعتدي بشكل كامل فليس بإمكان احد إجبار شخص على استعمال العنف تجاه احد.
الشخص العنيف لا يملك القدرة على التعاطي والتعامل مع المشاعر السلبية مثل: الحزن والقلق والقهر والشعور بالإهانة.. هذه المشاعر التي تجد لها أرضا خصبه لدى الإنسان الذي يعاني من تزعزع الثقة بذاته، فتتحول إلى مشاعر غضب شديد، وحين لا يملك هذا الإنسان المهارات والقدرة على التعامل مع هذا الغضب، فيقوم بتذنيب الآخر وضربه. ومن الجدير ذكره هنا بأن عملية استعمال العنف هي عمليه تلقائية اندفاعية جدا يستعملها عادة الأطفال دون الرابعة لأنهم لا يملكون الثروة اللغوية للحوار مع الآخر.
أنواع العنف:
- العنف الجسدي الذي يشمل الدفع والضرب والخنق والصفع والسحب وشد الشعر والركل ولي الذراع والحرق واستعمال السلاح وضرب الرأس بالحائط.
- العنف العاطفي، والذي يشمل الشتم والإهانة والتهديد باستعمال العنف والإحراج والتهديد بالحجز بالبيت وقطع العلاقات مع العالم الخارجي، من صداقات وعلاقة مع الأهل، والغيرة الزائدة والتحقيق المتواصل والتهديد بالهجران والانتقاد المتواصل.
- العنف الجنسي ويشمل الإكراه على ممارسة الجنس وممارسة الجنس بالقوة والخيانة.
العنف الجنسي تجاه المرأة يقابل باللامبالاه والخوف من التبليغ فضحايا العنف الأسري يفضلن الصمت دائما.
- العنف الاقتصادي ويشمل الاحتفاظ واحتكار النقود وأخذ معاش المرأة وصرف النقود بدون استشارتها ومنعها من امتلاك أي شيء وعدم السماح لها بالحصول على النقود.
تتميز النساء اللواتي يتعرضن للعنف ب:
- فقدان الثقة بالنفس
- قلة أو حتى عدم المشاركة في النشاطات الاجتماعية.
- إيجاد أعذار لإصابات جسدية.
- الشعور بالاكتئاب.
- زيادة المشاكل الصحية وزيارات متكررة للطبيب.
- فقدان الشهية أو الشهية الزائدة لتناول الطعام.
- الشعور بالقلق والخوف الدائم.
- عدم القدرة على النوم.
يعاني الأطفال المشاهدون للعنف الأسري من:
- فقدان الثقة بالنفس، خاصة وأن الأم، التي هي مصدر الدعم والحماية، تعاني هي نفسها من الخوف والرعب، الأمر الذي يمنعها من منح الأمان والثقة لأطفالها.
- تبني لغة العنف وعدم استعمال ثقافة الحوار، فالأب داخل الأسرة هو المثال الذي يحتذى، خاصة لدى الذكور فيقلد الطفل والده.
- يصبح الطفل كثير الحركة ويعاني من مشاكل سلوكية
- يعاني الطفل من الانطواء والابتعاد عن بناء علاقات اجتماعية، خاصة وأن الطفل في اغلب الأحيان يشعر بأنه مذنب، بضرب أباه لامه.
ولذلك واستمرارا لما ذُكر سابقًا، فإن مجتمعا يعاني من هذه الظاهرة الخطيرة التي تسيء لكل أفرادها: للطفل المشاهد للعنف، وللمرأة المعنفة وللزوج العنيف نفسه الذي يعاني من صعوبة تعامله مع مشاعره السلبية، ولا يملك القدرة على التعاطي مع غضبه والتعبير عنه. هذه المعاناة التي تلغي لغة الحوار وتمجد لغة العنف تهدد كيان مجتمعنا، وتهدد بانهيار القيم والأخلاق الايجابية.