يعتبر الكلف أحد المشاكل الجلدية الشائعة التي تتمثل بظهور تصبغات بالجلد، خصوصًا في منطقة الوجه التي تتمثل بظهور البقع الغامقة، وكثيراً ما تتركز في منطقة الجبين والوجنتين.
تعتبر مشكلة الكلف شائعة خصوصًا عند النساء ولكنها قد تظهر أحيانا عند الرجال.إنّ الكلف يميز النساء ذواتي البشرة القمحية أو الغامقة، ويعتبر نادراً جداً عند النساء ذواتي البشرة الفاتحة أو ذوات الشعر الأشقر والعيون الفاتحة.
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى ظهور بقع الكلف وأبرزها الحمل، إذ إن تأثير الهورمونات التي تزداد خلال فترة الحمل تؤدي إلى ظهور البقع الغامقة، ويعود ذلك لتأثير هذه الهورمونات على الخلايا التي تفرز الصباغ والتي تدعى melanocyte وهي موجودة في طبقات الجلد السطحية.
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 75% من النساء الحوامل و33% من النساء التي تتناول الأقراص لمنع الحمل قد تعاني من ظهور البقع السمراء في فترة الحمل والتي تسمى melasma. وكما ذكر سابقًا، تبرز هذه البقع السمراء خصوصًا في المناطق المتعرضة لأشعة الشمس وخصوصًا في البشرة الغامقة، وتحديداً في منطقة الجبين، الخدود، الشفاه والذقن. يعود ظهورها إلى ارتفاع نسبة الهورمونات خلال فترة الحمل خصوصًا هورمون الاستروجين (estrogen)، لذلك ففي حالات مرضية أخرى يكون فيها مستوى هذا الهورمون عاليا قد تظهر أيضًا بقع سوداء في منطقة الوجه تماما كتلك التي ظهر خلال فترة الحمل.
تؤكد الدراسات أن ظهور البقع السمراء خلال قترة الحمل مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالتعرض لأشعة الشمس، فكلما ازداد التعرض لأشعة الشمس ازدادت كمية هذه البقع السمراء. في غالبية الأحوال يكون اللون الأسمر في البقع سطحيًا ولكنه قد يكون غامقًا في طبقات الجلد خاصة في البشرة الغامقة وهؤلاء النساء اللواتي لم يحافظن على بشرتهن وتعرضن لأشعة الشمس في لفترات طويلة. إن ارتباط هذه البقع السمراء في فترة الحمل بالتعرض لأشعة الشمس هو ارتباط واضح ومثبت علميًا، ولذلك أوصي بشكل واضح باستعمال الواقي من أشعة الشمس بشكل بارز خاصة في تلك الحالات اللواتي فيها تعرف المرأة بأن لديها ميول لظهور مثل هذه البقع السمراء أو كانت بشرتها غامقة اللون.
ما يميز الكلف ما بعد الحمل بأنه يتحسن تدريجيًا بلا أي علاج، ويعود ذلك الى انخفاض كمية الهورمونات وبذلك يقل التأثير على هذه الخلايا التي تفرز الصباغ.
إن العامل الرئيسي الذي يؤدي إلى ظهور الكلف ألا وهو كمية خلايا الـ melanocyte المتواجدة في طبقات الجلد، فكلما ازدادت هذه الكمية كلما كانت هذه الخلايا معرضة لتأثيرات عديدة كتلك التي تطرأ في فترة الحمل، فتقوم هذه الخلايا بإفراز مادة الصباغ وتظهر على شكل بقع سمراء. تعتبر هذه الخلايا حساسة جداً للتعرض لأشعة الشمس، فكلما ازداد التعرض لأشعة الشمس كلما اصبحت هذه الخلايا نشطة أكثر فتقوم بإفراز الصباغ والذي يتجمع في الطبقات الخارجية للجلد.
إضافة إلى ما ذكر سابقًا عن أسباب ظهور الكلف، توجد اسباب أخرى وتتضمن الميول الوراثي، تناول العقاقير والضغط النفسي، الذي أثبتت أبحاث عديدة أن له التأثير على ظهور الكلف خصوصاً لدى أصحاب البشرة الغامقة أو النساء اللواتي يتعرضن لأشعة الشمس ولا يستعملن المواد الواقية من الأشعة.
بالإضافة إلى كل ما ذكر، هناك بقع سمراء تظهر بعد الالتهابات أو ما يسمى post inflammatory hyper pigmentation، وكما يعني المصطلح فإنه قد تظهر في مناطق الجلد والتي عانت وتعاني من الالتهابات بقع سمراء في مواقع هذه الالتهابات التي تواجه طبقة الجلد، حيث أن حدوث مثل هذه الالتهابات المستديمة والتي تكون غالبًا ناتجة عن أمراض جلدية تؤدي إلى حث خلايا الـ melanocyte التي تقوم بإفراز مادة الـ Melanin والتي تتوزع بشكل عشوائي في طبقات الجلد. فما تشير إليه الأبحاث هو أنه كلما ازدادت حدة الالتهاب كلما ازدادت كمية الصباغ وكلما كانت هذه المادة الصابغة متوزعة في طبقات الجلد وقد تكون عميقة في طبقات الجلد أحيانًا، ففي الحالات السهلة يكون الصباغ سطحيًا وعلاجه يكون سهلاً، أما في حالات الالتهاب المستديمة فيكون الصباغ كثيفًا وبكمية كبيرة ويتغلغل إلى طبقات الجلد العميقة.
المحور الأساسي لعلاج مثل هذه الحالات هو بواسطة معالجة المشكلة الأساسية التي تعود إلى الالتهاب، وتشير الأبحاث إلى إنه في العديد من الأحوال ما يكون الالتهاب الجلدي بسيطًا لكنه بمقدوره أن يثير خلايا الـ melanocyte والتي تقوم بإفراز مادة الـ Melanin بشكل كبير.
إن تأثير اشعة الشمس على هذه الخلايا معروف ومثبت علميًا، إذ تؤدي أشعة الشمس إلى حث هذه الخلايا، فتقوم الأخيرة بإنتاج كمية أكبر من الصباغ أو الميلانين والتي تتجمع في طبقات الجلد وتظهر للعين كبقع سمراء. إن التعرض المباشر لأشعة الشمس هو أحد الأسباب الشائعة لظهور الكلف. مما يجدر ذكره هنا أن التواجد بأماكن حارة والتعرض لدرجة حرارة مرتفعة حتى ولو كانت في مكان مغلق فإن تأثيرها يشابه التأثيرات التي ذكرت سابقا.
هناك عوامل أخرى عديدة ومنها الميول الوراثي والعائلي لظهور الكلف، إذ تعتبر بشرة هؤلاء الأشخاص المنتميين إلى العائلة ذاتها معرض للإصابة بالكلف.
إن التقدم بالسن أيضا أحد أسباب الكلف وقد يعود ذلك إلى الضرر المستمر والمتجمع للتعرض لأشعة الشمس او بسبب التغيير في خلايا الـ melanocyte التي تصبح حساسة أكثر في السن المتقدم.
من أنجع الطرق لمنع ازدياد هذه البقع السمراء أيا كانت في الجسم وخصوصًا منطقة الوجه هي بواسطة الامتناع عن التعرض لأشعة الشمس واستعمال الواقي من أشعة الشمس بحيث يتوجب على هذه المواد الواقية بان تغطي الإشعاعات (UVA, UVB) وأن تكون درجة الوقاية (SPF) على الأقل 30 درجة.
إن إتباع مثل هذه التوصيات الأساسية لها أهمية بالغة جداً في منع تفشي هذه البقع السمراء في المستقبل دون علاقة بالأسباب التي أدت إلى ظهور هذه البقع، إذ أن مهما اختلفت الأسباب لظهور هذه البقع فإن التعرض لأشعة الشمس بالإضافة إلى الأسباب الأساسية لها تأثيرات سلبية جداً على الزيادة في ظهور هذه البقع.
يختلف الباحثون والأطباء على طرق معالجة الكلف وقد يقول البعض إن لا علاج لمثل هذه الحالات والبعض الآخر يقوم بوصف مساحيق وأدوية قد لا تكون لها فائدة. وسأستعرض بعض هذه العلاجات في الجزء الثاني من المقال.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات