شلل العصب الوجهي (facial nerve palsy) تعرف أيضا باسم Facialis، هو ظاهرة شائعة إلى حد ما تؤثر في كل من الرجال والنساء.
السبب الأكثر شيوعًا للشلل التلقائي المحيطي للعصب الوجهي غير معروف ومن هنا جاء اسمه: شلل مجهول السبب في العصب (ويسمى أيضا Bell's palsy، شلل بيل). يمكن أن يسبب الشلل مشاكل وظيفية كبيرة بالإضافة إلى اضطراب تجميلي.
هل شلل العصب الوجهي مرض شائع؟
شلل العصب الوجهي هو مرض شائع إلى حد ما. يتراوح معدل انتشار المرض بين 13 و34 حالة لكل 100 ألف شخص سنويًّا.
يصيب المرض كلا الجنسين، وجميع الأعراق وجميع الأعمار بشكل متساو، ولكن توجد زيادة في انتشاره بين سن 15 و45 عامًا. هذا المرض أكثر شيوعًا في فصل الشتاء وكذلك أثناء الحمل، خاصة في الثلث الثالث من الحمل.
ماذا يعني عصب الوجه؟
عصب الوجه (facial nerve) هو العصب القحفي السابع (من أصل 12 عصبًا قحفيًّا). وهو العصب المسؤول عن أعصاب عضلات الوجه، وإحساس التذوق في الثلثين الأماميين من اللسان، والإحساس باللمس في قناة الأذن الخارجية، وعصب الغدد اللعابية والغدد الدمعية.
يخرج من جذع الدماغ عصبان وجهيان - واحد لكل جانب من جوانب الوجه. كل واحد منهم يمر داخل الجمجمة بجوار العصب رقم 8 (العصب القوقعي الدهليزي، وهو عصب مزدوج أيضًا، مثل جميع الأعصاب الأخرى التي تخرج من الدماغ).
ثم يمر العصبان الوجهيان عبر الفتحات السمعية الداخلية، ويخرجان من الجمجمة من خلال فتحات تسمى stylomastoid foramen ومن هناك ينقسمان إلى فروع.
أحد فروعهم الأولى مسؤول عن تحريك عضلة عظيمات السمع بالقرب من طبلة الأذن. هذا هو السبب في أن أحد الأعراض المحتملة للشلل الوجهي هو ضعف أداء هذه العضلات - مما يتسبب في معاناة المريض من خلل تنظيم الضوضاء. هذا هو السبب في أن مرضى الشلل الوجهي يشكون أحيانًا من ضوضاء لا تطاق في بيئة تبدو هادئة بالنسبة للأشخاص الذين لم يصابوا بمرض الشلل الوجهي.
في طريقه داخل الجمجمة، يرسل العصب الوجهي كذلك فروعًا تهيج إحساس التذوق في الثلثين الأماميين من اللسان وكذلك الغدة الدمعية والغدد اللعابية.
ماذا يحدث عندما يصاب العصب الوجهي بالشلل؟
عادة ما يحدث شلل العصب الوجهي تدريجيًّا، في غضون بضع ساعات إلى بضعة أيام، وعادة ما يكون من جانب واحد. تسبب إصابة العصب ضعفًا في عضلات الوجه، واغتراب منطقة الحاجب والجبهة، وعدم القدرة على إغلاق العين، وتدلى زاوية الفم، وعدم القدرة على الابتسام.
في بعض الأحيان يمكن أن يُضاف إلى ذلك تراجع في حاسة التذوق، وانخفاض في كمية الدموع، وكما ذكرنا سابقًا، فرط الحساسية للضوضاء (Hyperacusis).
يجب على الأشخاص الذين يصابون بمثل هذا الشلل التعامل مع كل من الإعاقة الجسدية والنفسية - الاجتماعية بسبب حقيقة أن وجوههم قد اتخذت مظهرًا جديدًا.
ماذا يعني الشلل المحيطي؟ كيف يختلف عن الشلل المركزي؟
يحدث الشلل المحيطي عندما يكون الضرر في أصل العصب الوجهي أو في الأعصاب المتفرعة عنه. في مثل هذه الحالة، سيصيب الشلل نصف الوجه - في الجانب الذي يصاب فيه العصب.
يحدث الشلل المركزي عندما يكون هناك تلف في الجهاز العصبي المركزي، وهي منطقة الدماغ المسؤولة عن أعصاب الوجه. في مثل هذه الحالة، سيكون الشلل فقط في النصف السفلي من الوجه، ليس في الجانب المصاب ولكن في الجانب الآخر السليم، كما يحدث في السكتة الدماغية: تؤدي إصابة في نصف الكرة المخية الأيسر إلى شلل النصف السفلي في الجانب الأيمن للوجه.
ما أسباب شلل العصب الوجهي؟
يوجد العديد من الأسباب المحتملة لشلل العصب الوجهي:
1. في حوالي نصف الحالات، يكون سبب الشلل غير معروف (سبب مجهول). تسمى هذه الحالة Bell's palsy (شلل بيل أو متلازمة بيل). السبب - في بعض الحالات على الأقل - هو على الأرجح تنشيط فيروس الهربس، ولكن هذه النظرية لم يتم إثباتها بعد.
2. عدوى الهربس النطاقي هي السبب الثاني الأكثر شيوعًا. يمكن أن يشير فحص الأنف والأذن والحنجرة بوجود الحويصلات (الفقاعات) في الأذن الخارجية إلى مثل هذه العدوى. إذا كان سبب شلل العصب الوجهي هو بالفعل الهربس النطاقي، إذًا المقصود هو "متلازمة رامزي هانت" (hunt syndrome Ramsay).
3. حالات عدوى أخرى أقل شيوعًا، مثل فيروس نقص المناعة البشرية وداء لايم (مرض معدي تسببه بكتيريا تنتقل عن طريق لدغة القراد).
الأمراض الالتهابية مثل الغرناوية (داء الساركويد)، داء شوغرن (مرض مناعي ذاتي يتجلى في إفراز القليل من الدموع واللعاب)، متلازمة غيلان باريه.
4. كدمة - نتيجة إصابة عظم الجمجمة الذي يمر بداخله العصب أو نتيجة إصابة العصب أثناء الجراحة.
5. ورم يضغط على العصب. يمكن أن يكون الورم داخل الجمجمة أو خارجها.
كيف يتم تشخيص شلل العصب الوجهي؟
يتم التشخيص وفقا للعلامات السريرية المميزة للمرض. غالبًا ما يكون مسار المرض تدريجيَّا: يستمر تفاقم الشلل لعدة أيام.
في حالة شلل العصب الوجهي، يجب إجراء فحص عصبي وفحص الأنف والأذن والحنجرة لاستبعاد الحويصلات (الفقاعات) في قناة الأذن الخارجية. يشير وجود الحويصلات إلى وجود عدوى بالهربس النطاقي. بسبب المضاعفات المميزة للحويصلات، من المهم أن يتم فحصها من قبل طبيب العيون أيضا.
هل يمكن علاج شلل العصب الوجهي؟
في حوالي 70٪ من الحالات، عندما يكون سبب ظهور الشلل غير معروف (وحينئذ، كما ذكرنا سابقًا، تم تسميته شلل على اسم بيل أو متلازمة بيل)، يتم تحقيق الشفاء الكامل والذاتي في غضون من شهر إلى ستة أشهر.
العلاج الموصى به في مثل هذه الحالة هو إعطاء المنشطات لمدة 10 أيام. العلاج يكون فاعلًا إذا تم إعطاؤه في غضون ثلاثة أيام من ظهور الأعراض. تشير الدراسات السريرية إلى أن العلاج. يحسِّن فرص تحقيق الشفاء. في هذه الحالات، تكون فرصة تكرار المرض 7٪.
في الحالات الصعبة أو في الحالات التي يوجد فيها دليل على الإصابة بفيروس الهربس، من الشائع إعطاء علاج مشترك من المنشطات ودواء مضاد للفيروسات مثل آسيكلوفير (الاسم التجاري: Zovirax)، كما يمكن الاستعانة بالعلاج الطبيعي.
عندما تكون أسباب الشلل أسباب أخرى، يجب معالجتها وفقًا لسبب المرض.
ما المضاعفات التي يمكن أن يسببها شلل العصب الوجهي؟
المضاعفات الرئيسية في شلل العصب الوجهي تحدث في العينين. يسبب الشلل انخفاضًا في القدرة على رمش العين ويضعف إفراز الدموع.
فضلًا عن ذلك، يسبب الشلل فتحًا كبيرًا للجفون وفقدان العضلات التي تفتح العين للمقاومة. نتيجة لذلك، يحدث سحب للجفون العلوية والسفلية وأحيانًا أيضًا دوران الجفن السفلي إلى الخارج - وهي حالة تسمى الشَتْرٌ الخارجي الشللي. كل هذا يسبب تعرض القرنية للانكشاف، وفقدان الحماية الطبيعية للقرنية وجفاف كبير.
بدون وجود علاج مناسب، هناك خطر من تشكل القرحة والالتهابات في القرنية وأيضا خطر فقدان البصر.
كيف يتم علاج المضاعفات الناتجة عن شلل العصب الوجهي؟
التدخل الطبي الأولي هو من أجل بث الشعور بالشفاء من الشلل. من المهم تشخيص سبب الشلل وعلاجه وفقًا لذلك. سيقوم طبيب العيون بمعالجة المشاكل الثانوية التي تظهر في العينين.
يهدف العلاج الرئيسي إلى منع جفاف القرنية. من الممكن العلاج بالبدائل المسيلة للدموع سواء قطرات أو چل وأحيانًا أيضًا إغلاق العين باللصق بواسطة شريط لاصق.
عندما لا يكون هذا العلاج كافيًا، يمكن خياطة الجفون العلوية إلى الجفون السفلية (عملية تسمى خياطة الجفن). عادة ما تكون هذه الخياطة تدبيرًا مؤقتًا حتى يتم تحقيق تحسن في إغلاق الجفن.
إذا لم يحدث تحسن، يمكن - للحصول على حل طويل الأجل - زرع وزن ذهبي جراحيًّا في الجفن العلوي. الوزن يثقل بشدة على الجفن وبالتالي يساعد على إغلاقه.
بدلا من الخياطة الجراحية، يمكن إجراء خياطة الجفن الدوائية، والتي تتم عن طريق حقن البوتوكس في العضلة الرافعة المسؤولة عن فتح العين. يسبب حقن البوتوكس شللًا مؤقتًا في العضلات وسقوط الجفن العلوي - مما يؤدي إلى إغلاق العين.
متى يكون من الضروري الحضور للمتابعة؟
يتطلب تفاقم الأعراض بعد ثلاثة أسابيع من بداية أو ظهور أعراض عصبية إضافية فحصًا عصبيًّا لإعادة تقييم التشخيص واستبعاد الأسباب الأخرى.
ما فرص الشفاء؟
تُعد فرص الشفاء من الشلل مجهول السبب في العصب الوجهي جيدة. ومن المتوقع أن يتعافى حوالي 70 في المائة من المرضى في غضون من 3 إلى 6 أشهر. كما ذكرنا سابقًا، تكون فرص الشفاء أعلى عند تناول المنشطات في الوقت المناسب.
هل يمكن إصلاح العصب جراحيًّا؟
إذا كان سبب الشلل هو كدمة في العصب، فيمكن إجراء عملية جراحية لتقريب النهايات العصبية (العلاج العصبي). في الحالات التي لا يمكن فيها تقريب النهايات العصبية، يمكن استخدام غرسة مجانية للعصب من جزء آخر في الجسم.
كيف تعالج الشلل الذي لا يشفى من تلقاء نفسه؟
المرضى الذين يستمر شلل الوجه لديهم لعدة أشهر دون تحسن قد يحتاجون إلى العمليات الجراحية التالية:
- تصحيح وضعية الجفن العلوي و/أو السفلي.
- تصحيح وضعية الحاجب.
- علاج التشوهات على خلفية تعافي العصب الوجهي (synkinesis).
- تصحيح الوجنة وزاوية الفم.
الدكتورة عنبال أڤيسار هي طبيبة بارزة في قسم طب العيون في مركز رابين الطبي (حرم بيلينسون الجامعي)، وهو جزء من مجموعة كلاليت.
الدكتورة عدي ويلف يركوني هو أخصائية طب الأعصاب وطبيبة بارزة في عيادة التصلب المتعدد في مركز رابين الطبي، حرم بيلينسون الجامعي التابع لمجموعة كلاليت.