مشاكل النوم (insomnia) أو الأرق هي عبارة عن خلل متكرر يصيب عملية النوم إما في بدايته، أي الصعوبة في الإغفاء ليلاً، وإما في استمراريته، كالإستيقاظ مبكراً أو بعدة عدة ساعات فقط من الإغفاء، وقد تجتمع المشكلتان معاً.
سيتناول هذا المقال مشكلة الأرق المتكررة أو الأرق المزمن لأهميتها من الناحية الطبية، بخلاف مشاكل النوم قصيرة الأمد والتي غالباً ما تكون نابعة من مشكلة طارئة وتزول بزوالها.
إن الأرق ليس مشكلة تؤثر على راحة الإنسان ونفسيته فحسب، وإنما تتعداهما لتؤثر على جسمه، مسببة سلسلة من الأمراض. مع ازدياد الوعي لأهمية النوم في حياتنا من الناحية الصحية أُفرد له علم خاص وكثر فيه البحث في العقود الأخيرة.
ما هي أعراض الأرق وتبعاته؟
1. التعب والحاجة للنوم والراحة خلال ساعات النهار.
2. قلة التركيز وكثرة النسيان خلال اليوم.
3. أوجاع في الرأس وصداع.
4. قلق وتوتر وحتى حالات اكتئاب.
5. زيادة في الوزن وما يتبع ذلك من مشاكل صحية كارتفاع ضغط الدم ومشاكل صحية أخرى مثل السكري.
ما هي أسباب مشاكل النوم والأرق؟
هناك العديد من الأسباب والعوامل التي من شأنها أن تسبب الأرق، قد تأتي منفردة أو مجتمعة، أهم هذه الأسباب:
1. الضغط النفسي، والذي غالباً ما ينتج من كثرة المشاغل في الحياة العصرية، كالعمل والتعليم والبيت وغيرها.
2. القلق وكثرة التفكير.
3. الإكتئاب والتوتر.
4. بعض أصناف الأدوية.
5. الإكثار من شرب القهوة والشاي والذين يحتويان على الكفائيين، وكذلك شرب الكحول والتدخين.
6. بعض الأمراض،كتضخم البروستاتا الحميد لدى الرجال وما يرافقه من كثرة التبول ليلاً، وكذلك الأمر بحالة ضعف عضلة القلب. التهابات المفاصل وذلك بسبب الآلام الليلية وكذلك أمراض الرئتين كالربو بسبب كثرة السعال ليلاً وضيق النفس.
7. عادات وسلوكيات تضر بعملية النوم، من أهمها:
- الإكثار من الطعام ليلاً
- شرب القهوة أو الشاي ليلاً
- استخدام غرفة النوم والسرير لأغراض أخرى غير النوم، كالقراءة.
- وجود ضوضاء عند النوم ويدخل في ذلك التلفاز وباقي الأجهزة الإلكترونية.
- عدم ملاءمة الضوء.
- التفكير بالمشاكل والمشاغل اليومية قبل الشروع بالنوم.
- عدم المحافظة على ساعة محددة للنوم.
من هم الأشخاص المعرضون للأرق؟
بعض الفئات معرضة أكثر من غيرها لمشاكل النوم، أهمها:
1. النساء، وقد يكون ذٰلك بسبب التغيّرات المتكررة في مستويات الهرمونات خلال الدورة الشهرية. وكذٰلك بعد "سن اليأس" (والذي يصطلح على تسميته بالإياس – menopause) بسبب التعرّق ليلاً وبسبب موجات الحرارة.
2. بعد جيل الستين، قد يكون ذٰلك نابعاً من قلة الحركة والجهد المبذول خلال اليوم، أو بسبب كثرة التفكير ليلاً أو بسبب المشاكل الصحية.
3. الذين يعانون من مشاكل نفسية أو عقلية.
4. الذين يعانون من ضغوطات في العمل أو في باقي مجالات الحياة.
5. الذين يعملون بنوبات مختلفة، وخاصة النوبات الليلية.
كيف نعالج الأرق ومشاكل النوم؟
بشكل عام، فإن علاج الأرق لا يحتاج للأدوية، ويمكن التخلص منه إذا داوم المرء على الأمور التالية:
1. المحافظة على نظام ثابت وساعة محددة للنوم ليلاً والإستيقاظ صباحاً.
2. عدم الإصرار على النوم وترك السرير بعد عشرين دقيقة. إذا عانيت من الأرق فعليك ترك السرير بعد عشرين دقيقة وعدم الإستمرار في المحاولة. حاول أن تقرأ كتاباً في غرفة مختلفة أو أن تقوم بأي شيء مُهدئ ومزيل للتوتر. وبعدها يمكن الرجوع للسرير والمحاولة مرة ثانية.
3. استخدام غرفة النوم من أجل النوم وممارسة الحياة الزوجية فقط، وعدم إدخال التلفاز والكتب لداخل الغرفة.
4. المواظبة على عادات مُهدئة للنفس قبل النوم، كالقراءة، الصلاة، اليوجا وغيرها.
5. ترك القيلولة خلال اليوم أو تقصير مدتها لنصف ساعة على الأكثر، والحرص أن تكون القيلولة قبل الثالثة عصراً.
5. المحافظة على جو ملائم للنوم في الغرفة، كالإضاءة الخافتة، إغلاق النوافذ والباب للحد من الضوضاء، درجة حرارة ملائمة صيفاً وشتاءً.
6. المداومة على الرياضة يومياً لمدة نصف ساعة قبل موعد النوم بخمس ساعات على الأقل.
7. تجنب المشروبات التي تحتوي على الكفائيين كالشاي والقهوة والامتناع عن التدخين وشرب الكحول، خصوصًا في ساعات الليل المتأخرة.
8. عدم الإكثار من الأكل والشرب ليلاً.
9. الإنتباه للأدوية التي من شأنها أن تحدث خللاً في عملية النوم، حتى تلك التي ليست بحاجة لوصفة الطبيب.
10. إخفاء الساعات المختلفة في غرفة النوم . فمن المعروف أن متابعة الوقت عند النوم تثير القلق وتعيق عملية الإغفاء.
علاج الأرق من دون أدوية:
هناك عدة طرق غير دوائية لعلاج الأرق، وكلها تعتمد على تهدئة النفس وزيادة الشعور بالإسترخاء قبل النوم. تعتبر هذه الطرق ناجحة جداً في علاج الأرق ولكنها تحتاج للمداومة والمتابعة بالإضافة لكون بعضها مكلفاً بعض الشيء.
أهم هذه الطرق:
أولاً: العلاج السلوكي المعرفي CBT، وهو عبارة عن جلسات مع المُعالج والذي غالباً ما يكون مختصاً في علم النفس. ويهدف العلاج لتغيير السلوك المرضي -الأرق- من خلال تغيير بعض الأفكار والمفاهيم المغلوطة المتعلقة بالسلوك. هذا العلاج يعتبر من أنجح العلاجات، ولكن يحتاج لمعالِج متخصص في هذا المجال وإلى مُعالَج يداوم على هذه الجلسات.
ثانياً: العلاج عن طريق الإسترخاء (relaxation). يحتوي هذا الصنف من العلاجات على عدة أنواع من أهمها تقنية الإرتجاع البيولوجي (biofeedback). وتعتمد هذه الطرق بشكل أساسي على تعليم المُعالَج كيفية التحكم في التنفس ونبض القلب واسترخاء العضلات وهو ما سيؤدي إلى الإسترخاء وتقليل التوتر.
العلاج الدوائي:
هناك عدة أصناف من العقاقير المساعدة على الإغفاء أو استمرارية النوم، بشكل عام فإن هذا العلاج لا يُنصح به كعلاج دائم.
أهم هذه الأصناف:
- زولبيديم/ أمبيين سي آر.
- بوندورمين وڤابين.
هذه العقاقير يمكن أن تسبب التعب وعدم القدرة على التركيز والتهيج في اليوم التالي على تناولها. ويظهر ذٰلك أكثر عند كبار السن.
هنالك نوع آخر من الأدوية وهو هرمون الميلاتونين ويسوق تحت اسم "سيركادين" والذي يُعتبر العلاج الدوائي الأمثل لكبار السن بسبب نقص الهرمون لديهم. تأثير العلاج يبدأ بعد عدة أسابيع كما وأن ثمنه مرتفع نسبياً.
الخلاصة:
يبقى العلاج الذاتي اللادوائي من خلال اتباع نمط حياة صحي والإسترخاء هو المحبذ لمواجهة الأرق.
كما يُنصح باللجوء لتقنيات الإسترخاء المذكورة أعلاه. يُلجأ للعلاج الدوائي فقط في حال فشل العلاجات الأخرى.