كيف يمكنك مساعدة شخص أصيب بصدمة نفسية؟

​​​هذه الأزمة لا تشبه أي أزمة أخرى

لتقديم المساعدة للأشخاص الذين اصيبوا بصدمات نفسية، من المهم فهم خصائص هذا الوضع الاستثنائي. أولًا، يدور الحديث عن حدث مستمر منذ أيام طويلة، ونحن لا نعرف متى سينتهي.

في علاجات الصدمات النفسية، من المقبول إخبار المريض أن الحدث انتهى وأنه في مكان آمن. ولكن في هذه الحالة، فإن الحدث لن ينته في المنظور القريب.

لا يزال هناك العديد من الأشخاص المفقودين، أطفال بدون أهالي، وآباء فقدوا أطفالهم، أشخاص فقدوا أصدقائهم وبعض من أفراد أسرهم. العديد من سكان غلاف غزة ليس لديهم منزل يعودون إليه. وحتى لو كان هناك، فهم لا يأمنون العودة. ​

وهناك خاصيّة أخرى مختلفة لهذه الأزمة وهي فقدان الثقة في النظام. في الهجوم الطويل والقاسي الذي وقع يوم 7 أكتوبر، واجه الناس الأزمة وحدهم لساعات طويلة. لم يصل الجيش الإسرائيلي، وحتى عندما وصل، لم يتمكن من تقديم استجابة.

تحصنت العائلات لساعات​ في الملجأ، فيما قام المسلحون في الخارج بإلقاء قنابل الصوت، التي تُحْدِثْ الهلع، وحاولوا اقتحام المنازل بالقوة، ووصل الجرحى إلى المستشفى وهم لا يعرفون ما مصير أفراد اسرهم وأصدقائهم، والبعض منهم لا يعرف ذلك حتى هذه اللحظة.

سمعنا من سكان غلاف غزة أن شيئًا أساسيًا للغاية قد انكسر لناحية ثقتهم بالاعتماد على الجيش لحمايتهم.

كيف يمكن أن نساعد؟

• جهزوا أنفسكم نفسياً، قدر الإمكان، لحقيقة مفادها أنكم ستسمعون قصصاً قاسية جداً.

• عند الاستماع إلى القصة، انتبهوا إلى مواجهة وتعامل الشخص مع الحدث، وعززوه. ينبغي محاولة إعادة تشكيل (إعادة صياغة) السلوكيات التي تبدو سلبية، على سبيل المثال: عندما يقول شخص ما "لقد هربت"، قالوا له - "لقد أنقذت نفسك". شددوا على الحيلة والدهاء التي استخدمها للبقاء على قيد الحياة.

لقد سمعنا هذه الأيام عشرات القصص البطولية التي ينبغي أن نخصص لها مساحة ونعجب بها، لأن فيها شيئاً ما. الناس كانوا فاعلين في حماية أنفسهم وحماية أحبائهم.

ولكن يكاد لا يكون هناك شخص لم يتحدث عن مشاعر الذنب تجاه ما قَصَر به. معظمهم فعل الكثير، وتمكنوا من البقاء على قيد الحياة، بدهاء وقدرة مذهلة على البقاء. ومن المهم التشديد على هذا.

• حاولوا معرفة الموارد التي يستخدمها الشخص من أجل التعامل مع الحدث. ومن المهم أن نلاحظ أن الموارد التي استخدمها في الماضي قد لا تكون متاحة له الآن.

على سبيل المثال، المرأة التي يهدأ روعها حين تطبخ في المنزل، لكن لا يوجد منزل، أو الشاب الذي يتحدث مع صديقه المفضل لكنه مفقود أو ميت. المرأة التي عادة ما تتشاجر مع زوجها، ولكن زوجها مجروح وليس معها.

من المهم المساعدة في ايجاد موارد بديلة، مثل اجراء مكالمات فيديو مع أفراد العائلة، والتفكير في شخص مهم يمكن مشاركته، وغير ذلك.

• لا فائدة من إطلاق وعد أن كل شيء سيكون على ما يرام. فهذا الحدث على مستوى غير مسبوق، ولا شيء سيعود إلى طبيعته في الأسابيع المقبلة. أناس حزينون، فقدوا منازلهم ومجتمعاتهم المحلية، سنكون صلفين إذا ما قلنا أن أعراض هذه الضائقة ستختفي في النهاية.

ماذا نقول اذًا؟ هذا أفظع حدث حصل في البلاد منذ فترة طويلة، ونحن لا نعرف ماذا سيحدث. من المهم أن نقول إنه مع مرور الوقت من المتوقع حدوث تحسن، وإذا لزم الأمر، فمن الممكن والمرغوب التوجه لطلب المساعدة.​

• انتبهوا حين ينفد تعاطفكم وقدرتكم على الاحتواء، فهناك حد لعدد القصص القاسية التي يمكن احتواؤها. في اللحظة التي تشعرون أنه لم يعد لديكم أي تعاطف، فيجب التوقف.

• بعد أن استمعتم وساعدتم أقاربكم – خذوا حصتكم أنتم كذلك. احرصوا على ما يساعدكم، لأنه لا يمكنكم مساعدة الآخرين إذا كنتم فارغين أو خاوين.

آندي إيفرجان: أخصائية اجتماعية متخصصة في الصحة النفسية ورئيس طاقم الخدمة الاجتماعية في قسم الطب النفسي التابع لمركز "سوروكا" الطبي. ​