عودة أبنائنا إلى المدارس واندماجهم في البرنامج التعليمي أمر ممتاز، لكن ما يلفت انتباهي ويدعوني إلى التدقيق أكثر هو موضوع الرياضة والتربية البدنية في المدارس العربية تحديداً. فعلى الأغلب هذا الموضوع مهمش في معظم المدارس لأسباب عدة لا حاجة لأن نذكرها. هدفنا في هذا المقال زيادة المعرفة والتوجيه للأهالي ولأبنائهم. فكما تطوقون لرفع مستوى أطفالكم علمياً، ماذا عن التحصيل الرياضي مقارنة للوسط اليهودي أو للعالم؟ ماذا عن التثقيف الرياضي من النشأة لاندماج طلابنا بحياة رياضية صحية حتى وإن لم يصبحوا أبطال العالم.
يعمل في مدارسنا بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم جسم يسمى اتحاد الرياضة للمدارس، والذي يعمل على تشجيع الرياضة بالمستوى التنافسي وزيادة الوعي الرياضي لدى الأهالي والأطفال، ويعمل الاتحاد على تنظيم دوري لألعاب مختلفة لأجيال مختلفة. بالطبع هذا الأمر يزيد من الوعي لدى الأهل والأبناء ويخلق بيئة جديدة في المدارس روحها التنافس وحب الرياضة.
أهمية الرياضة للطلاب في المدارس
إن المدرسة تعتبر لدى الطفل المؤثر الرئيسي والمباشر، فهو يقضي معظم وقته بالفعاليات والتعليم في داخل المدرسة، الأمر الذي يجعل هذه المؤسسة المنتج الأساسي للطلاب الناجحين وللرياضيين، إذا وجدت الأدوات والأطر المناسبة. فيتوجب على الإدارة والمعلمين قلب مفاهيمهم نحو هذا الموضوع واعطاء الرياضة وزن بالضبط كدرس الرياضيات أو اللغة الإنجليزية.
كم من طلابنا لا يتفوقون في التحصيل العلمي والمواد العلمية؟ فلو تواجدت أطر لأخرى لهم لكانت طاقاتهم قد ظهرت وبرز نجاحهم في مجال الرياضة الذي يحبون.
لا يعلم المدرسون في مدارسنا وللأسف ما مدى تأثير الرياضة والتنافسية منها على طلابنا، فالرياضة تخلق ما يسمى بالمحرك الداخلي للطفل بتناغم مع الاجهزة الفيزيائية والنفسية بداخله. وهذا يدفعه إلى حب النجاح والمنافسة بشغف. فبهذا خلقنا فرصة للأطفال ليمتازوا وليكن لديهم هدف يحاربون من أجله.
محاربة العنف
الرياضة في المدارس تقلل من ظواهر العنف بشكل ملحوظ، فالطاقة الكامنة لديهم تفرغ بدروس الرياضة أو الفرق الرياضية والتي قامت المدرسة بتشكيلها لمنافسة مدارس أخرى. وهذه الأطر الرياضية تخلق أجواء من الحماسة والتعاون من قبل الطاقم في المدرسة والأهالي وتخلق أجواء من المحبة والمودة عوضاً عن العنف والأجواء المشحونة.
ويتوجب منح الرياضة أهمية حتى في الحضانات، والتعاون يجب ان يكون مع كل طاقم الحضانة ومنح هذا الموضوع الأهمية اللازمة والنظر إليه بجدية.
الرياضة تبلور شخصية الطفل بصورة واضحة، فتكون شخصيته مميزة وقوية وذات معالم واضحة، ترى أن الطفل الناشيء يعرف ما يحتاجه وتكون قرارته غير مترددة ونفسيته مستقرة.
مقارنة مع الدول الأخرى
في الدول الأخرى الأطفال يشاركون في الفعاليات الرياضية عدة ساعات في الأسبوع، والمتنافسين منهم عدة ساعات في اليوم، ضف على ذلك الأجواء المتاحة، الملاعب والأجهزة المطلوبة، والمدربين ذوي الخبرة بدعم تام من المدرسة والدولة. فمن هنا سيخرج الى العالم أناس ذوي ثقافة رياضية ومتنافسين في الألعاب الأولمبية.
حتى أن الجامعات في بعض الدول فيها موضوع الرياضة متطور لدرجة ان طلاب الجامعات يكونوا من اللاعبين أو المتنافسين المشهورين بالعالم. وتدخل الرياضة في المدارس كموضوع أساسي، فترى أن الطلاب يمارسون لعبة كرة السلة أو التنس أو أنواع الرياضة التنافسية الأخرى. فأصبحت الرياضة جزءًا لا يتجزأ منهم ولا عجب من وجود طلاب بمستوى رياضي تنافسي عالمي. فمن يتألق بجيله الصغير توجهه المدرسة وتسانده ليتفوق أكثر ولأكثر في حياته الرياضيةـ فبالنسبة لهم هذا نجاح شخصي وفخر لدولتهم.
هل من أمل لابني؟
كما ذكرنا هناك ما يسمى "اتحاد الرياضة في المدارس"، كذلك توجد هيئات لأخرى خارجية تدعم الرياضة. إن مستوى الرياضة في إسرائيل مقارنة مع العالم في مرحلة ناشئة، ونحتاج إلى أعوام عدة لنرقى إلى مستوى الدول التي تغلغلت الرياضة في حضارتها.
في الوضع الحالي في مدارسنا العربية يجب أن يكون التغيير في المدارس، إدارة وطاقماً، ويتوجب عليهم البحث عن مصادر التمويل والدعم. وعلى الأهالي تقع مسؤولية المطالبة بهذه الأمور ومساندة الطاقم الذي يعمل على تطوير الرياضة في المدرسة. ويتوجب أيضاً إرشاد المعلمين والأهالي لهذا التغيير المنشود. فالموضوع يحتاج إلى الكثير من التعاون والوعي والمبادرة.
وإلى الأهالي الذين يطمحون بأن يصبح ابنهم نجماً قادماً او رياضياً ناجحاً، فعليهم المبادرة بشكل شخصي والبحث عن الأطر الملائمة والأجسام الداعمة. ربما أنتم من سيدفع العجلة للتقدم في مدارسنا.
الخلاصة
ها هم طلابنا يعودون إلى المدارس، فلتكن سنة ناجحة للجميع، ولنعطي أطفالنا الحق في الحصول على التربية الرياضية الملائمة، فقد ذكرنا ما أهمية الرياضة في المدارس ومدى تأثيرها. فلا يجوز التسليم بما كان حتى اليوم من إلغاء للدروس الرياضة أو عدم الاهتمام بما نفعل سوى الركض خلف الكرة.
حان الوقت لزيادة هذا الوعي. من واجبي أن أتوجه إلى الأهالي والمسؤولين بقدر المستطاع لعل هذا الإرشاد المتواضع يُحدث التغير ولو كان بسيطاً. هناك الكثير من الأهالي والأطفال الذين يطمحون إلى نهج حياة رياضية لأطفالهم ولكن الأطر غير متاحة في جميع مدارسنا. وعلينا جميعاً العمل من أجل خلق جيل جديد بأخلاق وثقافة رياضية تترسخ في شخصيته وتصرفاته ومستقبله.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات