من منّا لا يجد دائمًا الأعذار لعدم القيام بفعالية رياضية أو بنشاط جسمانيّ أيًّا كان. اختلاق هذه الأعذار سهل، فمَن يعمل يعتبر أنه غير قادر على ممارسة أيّ نشاط بعد العمل، وطلاب المدارس والجامعات يتحجّجون بضيق الوقت، ومَن تعمل في البيت وقتها مليء دائمًا. والكثير الكثير من الحجج الأخرى. هناك مَن لا يجد الإطار الملائم، أو لا يحبّ أن يتعب وأن يعرق، وهناك من ينال اليأس منه بسرعة ولا يتابع النشاط، وغيرها الكثير. لنحاول معًا تبسيط الأمور لجعل حياتنا أفضل وأسهل.
لنبدأ، فالتفكير البسيط هو أنّ كل تغيير في حياتنا وكلّ زيادة فعالية جسمانية تحسّن من أداء الجسم دون أدنى شكّ. فمن اعتاد الجلوس وحمل هاتف البيت النقال بيده، إذا حاول التغيير وقام بإبعاد هذا الجهاز عنه فذلك سيجعله يحرّك جسمه ويتوجّه إلى الهاتف للردّ عليه، مثلاُ. إن الجسم عند مشاهدة التلفاز يحرق سعرات حرارية أقلّ مقارنة بحرق السعرات الحرارية أثناء النوم، وأظهرت أبحاث كثيرة أنّ الجلوس أمام التلفاز أو الحاسوب ساعتين أو أكثر يزيد بنسبة 23% من احتمال الإصابة بالسّمنة والسكريّ.
معتقدات خاطئة عن الرياضة
أريد أوّلاً إنقاص الوزن الزائد وبعدها ابدأ بممارسة الرياضة!
لا يمكن الفصل بين الأمرين. إذا رغبنا في الحصول على جسم متناسق ورياضيّ، فالطريقة الأفضل والأنجع هي القيام بالأمرين معًا. ومن البدهي أنّ الرياضة تعمل على حرق السعرات الحرارية، فالنتيجة تكون أفضل. الاعتقاد بضرورة الفصل بين الحمية والنشاط عند الأشخاص الذين يعانون الوزن الزائد غير صحيح. فزيادة الوزن لا تشكل عائقًا أمام ممارسة نشاطات جسمانيّة معتدلة وملائمة للقدرة الجسمانية. هناك أمر من المهمّ معرفته وهو أنّ الجسم الذي يعاني من الوزن الزائد يحرق سعرات حرارية أكثر من الجسم العادي. لذا، يجب ملاءمة برنامج غذائي ورياضي في آن واحد للحصول على أفضل النتائج بمشورة أخصّائية تغذية ومدرّب لياقة بدنيّة.
إذا لم نمارس النشاط الجسماني يوميًّا فلن يكون مفيدًا!
هذا غير صحيح. فالنشاط الجسماني يجب أن يكون تدريجيًّا للنجاح والاستمرار في ما بعد. فالجسم في البداية غير معتاد على النشاط ويحتاج إلى فترات راحة أطول، عدا عن أنّ إجهاد الجسم منذ البداية بالتمارين المتواصلة من الممكن أن يسبّب مضاعفات للجسم، إضافة إلى تراجع المعنويات للاستمرار. كذلك، بعد أن تعوّد جسمنا على الرياضة يجب أن تكون هنالك فترة راحة كي يستعيد الجسم نشاطه وانتعاشه.
إذا لم تمارس النشاط الجسمانيّ أكثر من 20 دقيقة فلن يفيد!
من يقول إنّ بداية ممارسة النشاط إذا كانت أقلّ من 20 دقيقة فهي غير مفيدة يكون على خطأ. من المعروف أنّ التدريب كي يكون ناجعًا يجب أن تكون مدّته أكثر من 20 دقيقة، لكنّ هذا لا يعني أنّ ممارسة الرياضة لمدّة 10 دقائق، مثلاُ، هي غير مفيدة للجسم. إن كل نشاط نقوم به مفيد للجسم على المدى القريب والبعيد، فإن كانت البداية بضع دقائق فهذا جيّد. يجب المتابعة والاستمرار حتى نصل بشكل تدريجي إلى صورة التدريب المقبولة. ببساطة، ابدأ التمارين حسب قدرتك وبشكل تدريجيّ.
إذا لم نمارس الرياضة فترة طويلة فلا فائدة من ممارستها!
هذا غير صحيح. إنّ التوقف عن التدريب فترة طويلة تبلغ ستة أشهر، مثلاً، لا يلغي التأثير الإيجابي للتدريب السابق على الجسم. كذلك هو الأمر إذا تدرّبنا أقلّ من ستة أشهر، مثلاً. طبعًا، إذا توافر الوقت فمن المفضّل الاستمرار بممارسة النشاط فترة تزيد عن نصف سنة. لكن، كل دقيقة من ممارسة النشاط الجسماني لها تأثيرها الإيجابيّ، فلا تجعلوا من ذلك سببًا للامتناع المسبق عن ممارسة النشاط. ليكن معروفًا لديكم أنّ للجسم ذاكرة جيّدة لممارسة الرياضة، فإن قمتم بممارسة الرياضة يومًا ما وعدتم لممارستها مجدّداً، تكون العودة مرّة أخرى أسهل وأسرع.
كيف نقنعك أنّ الرياضة جيّدة لجسمك؟
• تساعد على تخفيف الوزن الزائد وتحافظ على وزن الجسم ضمن المعدّل المطلوب.
• الرياضة تمكّنك من أداء وظائفك اليومية بسهولة وبصورة صحية وناجعة أكثر.
• تقوّي عضلات الجسم وبنيته وتمنع آلام المفاصل والعضلات.
• تمنع الآلام في أعضاء الجسم المعرّضة للضغط مثل الظهر، الرقبة، الركب.
• الرياضة تعمل على تحسين أداء القلب والجهاز الدموي، وجهاز التنفس.
• تعمل الرياضة على توازن ضغط الدم.
• تخفّض مستوى الدهنيات في الدم .
• تحسّن الشعور العام للجسم والحالة النفسيّة الجيدة والمزاج العالي.
• تقوّي وتزيد من طاقة الجسم فنصبح أكثر فعالية وإنتاجًا.
• تحسّن جودة النوم
• تساعد على تقليل التوتر والقلق
• يحسّن الثقة بالنفس والتصوّر الذاتي الإيجابي.
إنّ النشاط الجسماني يساعدنا على زيادة اللياقة البدنية، ومن يمارس الرياضة يلاحظ ذلك من خلال نشاطه الرياضي مثل المشي أو الركض أو حتى من خلال النشاط اليومي العادي كصعود درج أو حمل حاجات.
المشي نشاط مفضّل ويُنصَح به، لأنّه لا يحتاج إلى مرافق وأجهزة خاصة، ويمكن تنفيذه في كلّ مكان. فلتبدأوا بهذا النوع البسيط والمفيد للجسم أوّلاً، ثمّ يمكنكم بناء برنامج لتطوير اللياقة البدنية حسب القدرة والميول الشخصية، والأهمّ حافظوا على الاستمرارية والمتابعة.
راجعوا برنامجكم الأسبوعي، وأدرجوا الرياضة كجزء لا يتجزّأ من برنامجكم. فهذه هي الطريقة الأنجع، وكما تعوّدت الجلوس ساعات أمام التلفاز، امنح جسمك نصف ساعة، فله عليك حقّ.
ابدأ بالمشي ما بين 3 – 5 مرّات أسبوعيًّا، وكلّ مرة لمدّة 30 – 45 دقيقه مع الحفاظ على أن يشمل النشاط ثلاث مراحل، وهي:
مرحلة التسخين (الإحماء): تهدف إلى تحضير الجسم للنشاط الجسمانيّ، ولتنشيط الدورة الدموية.
تنفيذ النشاطات: درجة الصعوبة فيها تتحدّد حسب النبض، وحسب الإحساس بالجهد، اشعروا بأجسامكم .
مرحلة الاسترخاء: تتمّ في نهاية النشاط، والهدف منها إرجاع الجسم إلى حالة الراحة تدريجيًّا، وخفض احتمال حدوث شدّ عضليّ.
خلاصة الأمر هي: غيّروا نمط حياتكم من نمط متكاسل وجلوس دائم بلا حراك إلى حياة فعّالة تتطلّب منكم الحركة والاجتهاد، من هنا نبدأ.