أصبحت حياتنا متعلقة بالحاسوب والعمل أمام المكتب أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا شئنا أم أبينا، وربما نقضي معظم ساعات يومنا أمام الحاسوب أو في المكتب أمام أكوام من الأوراق دون الإنتباه لو للحظة لأجسامنا ووضعية جلوسنا. قد ندرك أن هذا مهم ويجب المحافظة على حركة الجسم، ولكننا لا ندرك مدى الضرر الناجم عن هذا الحال إذا استمر دون الانتباه إلى جسمنا. تتمحور الإرشادات التالية حول الخطوات العملية لتغيير وضعية جلوسنا في المكاتب والعمل أيضاً خارج المكتب لتكتمل الفائدة.
الضرر الناجم من عدم التحرك
من الطبيعي جداً أن يكون الجلوس دون حركة ولفترة طويلة مسبباً لضرر بمبنى الجسم وللأجهزة المختلفة فيه. إن طبيعة الإنسان هي الحركة والتنقل من مكان إلى آخر، إلا أن الحياة المعاصرة أدت بنا إلى تغيير نمط حياتنا إلى حياة قلت فيها الحركة وعجزت أجسامنا في المحافظة على اللياقة العالية. للجلوس المتواصل ضرر كبير على الجسم وإليكم هذه المعلومات المفيدة للحفاظ على أجسامنا خلال العمل:
- العضلات: إن الجلوس غير الصحي والمتواصل يؤدي إلى عدم استغلال العضلات بالشكل السليم، وإلى ضعفها وإحداث ضغوطات غير مرغوبة، ما يسبب تصلب العضلات وأوجاع شديدة.
- المفاصل، وخصوصاً الظهر والرقبة: إن عدم استعمال الجسم والعضلات بشكل سليم يسبب الضغوطات على الفقرات والمفاصل المختلفة، الأمر الذي يسرع في تلف هذه المفاصل وأجزائها المختلفة.
- انتصاب الجسم: عدم المحافظة على انتصاب الجسم يؤدي إلى تغيير في الضغوطات الواقعة على الجسم، كذلك يغيير مركز الثقل في الجسم، ولهذا توابع ايضاً اثناء الوقوف وممارسة أية فعالية يومية.
- الأعصاب والأنسجة الأخرى: الجلوس غير السليم يخلق ضغوطات على الأعصاب بمساراتها وعلى مصادرها من الفقرات، الضغوط المتواصلة البطيئة وقت الجلوس تحدث الضرر على المدى البعيد، كذلك الأنسجة الأخرى المحافظة على ثبات المفاصل أو المباني الأخرى إذا لم يتم تخفيف الضغوطات عنها واستعمال الجسم بشكل سليم فإن الضرر واقع لا محالة يوماً ما.
- القدرة الهوائية للجسم: إن طبيعة الجلوس المتواصل خلال اليوم يفقد الجسم من القدرة الهوائية له، فالجسم ما عاد بحاجة إلى استعمال جهاز التنفس بجهد كما سبق، ليكتفي بالقليل من الأكسجين إلى الجسم، فوقت الجلوس لا حاجة للكثير من الهواء. وعندما نعلو الدرج بعد ذلك إذا سنحت لنا الفرصة، نجد أنفاسنا قد انقطعت عن بعضها وكأننا نصعد الجبال.
- جريان الدم: إن الجسم المتكاسل ما عاد بحاجة إلى أجهزة متطورة وفعالة لتوفير ما يحتاجه الجسم، فكل الأجهزة تتراجع إلى الوراء، إلى فترة السكون، كذلك الدورة الدموية والقلب، اعتاد أن يعمل بهدوء دون اجتهاد، ووقت الحاجة والجهد يصعب على القلب والجهاز الدموي من مواجهة الجهد.
- تراجع آليات عمل الجسم: إن أجسامنا ذكية وتتكيف بحسب البيئة، فإذا خلقنا لأجسامنا بيئة لا جهد فيها، فإن الجسم يبدأ بتقليص آليات عمل الجسم والتخفيف من الطاقة المستهلكة لإعانة الجسم على تنفيذ مهامه. فبهذه الحالة تصبح الآليات المختلفة في الجسم غير ناجعة مثل ذي قبل. يصبح الجسم خاملاً ومتكاسلاً على جميع مستويات الآليات التي تكونه، عملية تبادل المواد تكون متدنية، الحركة تكون أقل حدة، التنفس يكون أكثر هدوءًا، أجسامنا تكون معرضة للإصابة أكثر من السابق، قدرة تحملنا للعوامل المحيطة تكون أقل، والكثير من التغييرات.
التمارين الموصى بها
إذا كنت ممن يلازم المكتب لكثير من الساعات، فإليك بعض التمارين والنصائح
1. تمارين حركة الرقبة: تمارين التفافية للرقبة، تحريك الرقبة لجميع الإتجاهات حتى الوصول إلى نهاية مجال الحركة، يجب تحريك الرقبة بحركة انسيابية وليست حركات حادة. كذلك العمل على شد العضلات بنعومة.
2. تحريك الكتفين: رفع اليدين إلى الأعلى حتى نهاية الحركة، مد اليدين إلى الجوانب، شد اليدين خلف الظهر لبضع ثوان والعمل على حركات التفافية للكتفين أو رفعها إلى الأذن وتحريرها.
3. الظهر: العمل على تقويس الظهر والعودة إلى حالة تقعر قصوى للظهر، الإلتفاف إلى جهة اليمين ومسك مسند الكرسي الخلفي لشد العضلات، كذلك يمكن شد الأيدي إلى الأسفل لشد الظهر.
4. تحريك الورك والأرجل: رفع الأرجل مثنية وبشكل متتابع، العمل على استقامة الركبة، تحريك مفصل الكاحل.
5. القيام عن الكرسي: إذا تمكنت من القيام عن هذا الكرسي فحسن فعلت، ابتعد قليلاً عن المقعد لبضع دقائق، حرك جسمك قليلاً ومن ثم أكمل عملك.
إن النصائح أعلاه هي عامة، قسم من التمارين موجود على قناة التمارين التابعة لكلاليت على اليوتيوب. النصائح جاءت من أجل الأرشاد العام لأهمية الحركة، إرشاد مفصل سيكون في المقالات التالية. التمارين اعلاه يجب ممارستها حسب مكان عملك فليس كل مكتب وكل كرسي ملائمة لهذه التمارين.
وما الفائدة؟
إن الممارسة الدائمة لهذه التمارين يمكنها منع الكثير من الظواهر مثل تشنج العضلات، ضعف العضلات، آلام الرقبة والظهر، كما أنها تحافظ على نشاط الجسم وحيويته، تعطي التحفيز للإستمرار في العمل، تحافظ على فعالية آليات الجسم بشكل نشط أكثر وتحافظ على عملية تبديل المواد فعالة أكثر.
وهل هذا يكفي؟
بالطبع كلا! إنّ هذه النصائح جاءت لكي تمنع الضرر قدر الإمكان لمن يجلس في المكتب لفترات طويلة ومتواصلة. من المهم جداً ممارسة الرياضة كما يجب، وحسب التوصيات العالمية يجب أن نمارس الرياضة بشكل منتظم خمس مرات أسبوعياً في حال رغبنا في المحافظة على أجسامنا، والأمر ليس مستحيلاُ. إنّ الفعالية الرياضية يجب أن تمتد لعشرين دقيقة على الأقل لكي تسمى تدريباً، إذ نحتاج 100 دقيقة على الأقل أسبوعياً للمحافظة على أجسامنا. طبعاً هذا لا يكفي لتطوير جسمنا، لذا علينا ممارسة الرياضة أكثر. والرياضة يمكن أن تكون هوائية كالمشي أو لا هوائية كرفع الأثقال ويجب إحداث اتزان بينها.
نتقدم في الجيل وأجسامنا تصبح أقل تحملاً كما كانت سابقاً، لذا إذا رغبنا بالمحافظة على أجسامنا علينا العمل على تقويتها لمواجهة الحياة والفعاليات المختلفة لننعم بحياة افضل.
الخلاصة
عليكم تخصيص الوقت الملائم لممارسة التمارين أثناء العمل وتحريك أجسامكم، وليكن ذلك بانتظام. من المفضل أيضاً العمل خارج المكتب على تحسين اداء الجسم من خلال الرياضة الدائمة. ربما اليوم لا تشعرون بالضرر الناجم ولكن بعد أعوام قليلة لن يعد جسمك ما هو عليه اليوم. تذكر كيف كنت قبل 10 أعوام وقارن ذلك باليوم وستجد الفرق. إذن لا مفر إلا أن تمارس الرياضة وتحافظ على جسمك أثناء العمل.