توصيات عامة لمرضى السكري وارشادات خاصة في رمضان

للسكري المرض منتشر بكثرة في العالم والمجتمع العربي بشكل خاص وعواقبه الوخيمة تنعكس على مجتمعه.

هل تنصح مرضى السكري بالصوم في رمضان؟

د. عدنان: لا مانع من الصوم ، عندما يكون  معدل السكري لديهم تحت السيطرة، ولكن هنالك شروط يجب ان يتقيد بها مرضى السكري، فنحن نعرف ان انخفاض نسبة السكري لدى المرضى الذين يكون مستوى السكري لديهم منخفضا،  قد يؤثر عليهم وقد يصل في نهاية المطاف الى فقدانهم  الوعي، او الشعور بالدوران  او الغثيان والاغماء، هذا يحدث عادة للمرضى الذين يستمرون في العلاج ولكن بدون ارشاد خاص في هذه الفترة سواء كانوا ممن يتعاطون العقاقير او اولئك الذين يأخذونها في جرعات .

هل بامكانك ان تقدم اولا توصيات عامة لجميع مرضى السكري، ومن ثم ندخل في التفاصيل؟

د. عدنان: اولا اقول ان الصوم يجب ان يقتصر على مرضى السكري الذين معدل السكري لديهم  متوازن بشكل عام، وطبعا انا لا انصح اولئك الذين معدل السكري لديهم يصل الى 300 او 400 او 500 فهؤلاء لا ينبغي لهم ان يصوموا " وليس على المريض حرج" فذنبهم مغفور باذن الله، ثانيا افضل ان يتناول مرضى السكري وجبة السحور وان يتم خلالها ايضا تناول العلاج- سندخل في ما بعد في تفاصيل العلاج- وايضا ان يكون افطارهم جيداً،  فهاتان النقطتان بالغتا الاهمية بالنسبة لمريض السكري الذي ينوي الصيام.

 ماذا تقصد بتعبير " سحور جيد" و"افطار جيد"  على ماذا تحتوي  هاتان الوجبتان؟

د. عدنان: اهم شيء واهم عنصر غذائي هو النشويات الموجودة في الخبز (الاسود) الذي لا يحتوي على كمية اقل من السعرات الحرارية (كالوريا) من الخبز الابيض وانما هو بطيء الهضم ويبقى  لفترة طويلة في الجهاز الهضمي ويكفل عدم الهبوط المفاجيء في نسبة السكر، بينما لو تناول مريض السكري كأسا من العصير او الشاي المحلى، فإن نسبة السكر ترتفع وبعدها  يكون عرضة  للهبوط المفاجيء والحاد في بحر  النهار وهذا ما لا نريده، وايضا يجب ان تحتوي وجبة السحور على الخضار والكثير من السوائل،  فهؤلاء المرضى بحاجة الى كمية كبيرة من السوائل. اما وجبة الافطار فيجب الا تكون بكميات كبيرة لتفادي خطر الارتفاع بنسبة السكر، فهذه ايضا مشكلة تواجه هؤلاء المرضى،  في حين انه من الطبيعي ان ترتفع نسبة السكر  بعد كل وجبة، ولكنها تكون اكثر خطورة اذا تناول الصائم قطعة حلوى بعد الافطار.

 وجوهر المشكلة لا  يكمن فقط في النسبة المرتفعة للسكري وانما في القفزة في معدل السكر الذي قد تكون نسبته 100 قبل الافطار وفجأة يرتفع الى 300-250 هذا التذبذب والاختلاف الحاد له عواقب وخيمة على الاوعية الدموية،  وعلى حدوث الجلطات على القلب والدماغ، وحتى نتدراك هذا الخطر، أنصح بأن تكون وجبة الافطار طويلة نوعا ما ويفضل على مراحل وتمتد على مدار ساعة زمنية.

هل هنالك ادوية وعقاقير وقائية يتناولها المريض قبل الوجبة، تكون كفيلة بمنع هذا الارتفاع الحاد؟

د. عدنان: نعم.. هناك اقراص او عقاقير هدفها منع هذا الارتفاع الحاد والمفاجىء بعد الوجبة، وهناك ايضا حقن الانسولين التي تعطى مباشرة بعد الوجبة،  وكوسيلة وقائية داعمة يفضل ان لا تحتوي الوجبة على الحلويات وانما على النشويات المركبة، اما فيما يتعلق بالاقراص فإنني أنصح بتناول قرص " نوفورنوم" قبل وجبة الافطار بخمس دقائق او مع بداية الافطار، وهي متوفرة في صناديق المرضى، ومهمة هذا الدواء هو العمل على توازن الوجبة الواحدة سواء في شهر رمضان او غيره.

هل هنالك حاجة لاعادة تعيين او تقدير الجرعات بشكل يتلاءم مع شهر الصوم؟

د. عدنان: هذا هو سؤال المليون دولار كما يقولون، وهو جوهر هذا التقرير،  فنحن نقسم مرضى السكري الى فئتين، الفئة الاولى هم المرضى الذين يتعاطون الحبوب او الاقراص( العقاقير) والفئة الثانية هم اولئك الذين يتعاطون الانسولين على جرعات، بالاضافة الى الحبوب او الاقراص. المرضى من الفئة الاولى عادة ما يتعاطون اكثر من نوع واحد من الاقراص  "جولوكومين" ا"و ما يسمى جلوكوفاج" او ميدفورمين وهي المعروفة لدى المرض بـ "الحبة الكبيرة" التي تشبه حبة الفاصوليا واذا كان المريض يتعاطى حبة او حبتان  في اليوم،  عليه ان يستمر في  تناولها لان هذه العقاقير لا تؤدي لهبوط في نسبة السكر. اما الاقراص الصغيرة "چلوبين" او "چلبتيك" فأنا انصح المريض الذي يتناول هذه الحبوب ان يقلل الكمية الى النصف  وحتى انه يستطيع التنازل عنها في وجبة السحور اذا كان يتناولها كل صباح، ويبقي  فقط على الكمية التي يتناولها في المساء  مع  وجبة الافطار، واذا كان المريض يستيقظ لتناول وجبة السحور فلا بأس في تناول حبة "جلوبين" الصغيرة، واذا كان يتناول "نوڤونورم" (حبة ما قبل الوجبة) فبإمكانه ان يتناولها على السحور ويتنازل عنها عند الظهيرة، كذلك الامر بالنسبة لاقراص "پرانداز" هذا هو  قرص يعطى  قبل وجبة الطعام ولكن قلائل من المرضى يتعاطونه وهو من العقاقير المعروفة "برانداز" او "اكاربوز".

ماذا بالنسبة للذين يتعاطون جرعات الانسولين؟

د. عدنان: بالنسبة للانسولين هناك انواع منه وهناك عدد من الجرعات، فهناك من يحصل على  جرعة  واحدة وهناك من يحصل على جرعتين وهناك اكثر من ذلك، بعضهم يصلون الى اربع جرعات من انواع مختلفة في اليوم الواحد، الآن بالنسبة للمرضى من نوع واحد  وهم يعيشون على الانسولين، فهؤلاء لا ننصحهم بالصوم اطلاقا،  لان الصيام قد يؤدي الى تدهور حالتهم الصحية وهم برأيي معفيون من الصوم لسبب صحي طبعا، مرضى من نوع 2 والذين يحصلون على اربع جرعات، ثلاث منها قبل الوجبات ورابعة قبل النوم، هؤلاء يجوز لهم ان يحصلوا  على بدل جرعة الفطور عند السحور، وان يتنازلوا عن جرعة منتصف النهار ويحصلون عليها عند الافطار، ثم جرعة الليل تبقى في اخر الليل  او قبل النوم، كل ذلك شريطة ان يكون المريض بحالة صحية جيدة، لا ان تكون نسبة السكري لديه 300- 400 .  وأود ان انوه هنا الى ان جرعة او حقنة آخر الليل يجب ان تكون طويلة الامد من نوع "ليڤينير" او " لانتوس" التي يدوم مفعولها لمدة 24 ساعة. هناك مرضى يحصلون على خليط  من الانسولين " ميكس" مثل " نوفوميكس" هو خليط بين المدى الطويل والقصير وهو متوسط المدى، ويمكن التعاطي مع هذا الخليط مع وجبة  السحور ومع وجبة الافطار شريطة ان تكون الكمية الاصغر  عند السحور،  لان مفعول هذا الخليط يعمل ايضا  خلال النهار اي حتى ساعات ما بعد الظهر، والكمية الاكبر عند الافطار ولنفترض  اننا بصدد الحديث عن  مريض يحصل على كمية تعادل 20 وحدة صباحا و 10 وحدات في  المساء،  ففي  رمضان يمكن ان نقلب الكمية بشكل عكسي بحيث يحصل المريض على 10 وحدات عند  السحور و 20 وحدة عند الافطار، ولكن مفضل في حالة كهذه ان نستبدل جرعة السحور بنوع يعمل على وجبة السحور فقط. واذا لم يتسحر فقد يستغني  عن الجرعة ولكنني انصح مرضى السكري بالتسحر، بمعنى اننا يمكن ان نستبدل الجرعات الاصغر عند السحور والاكبر عن الافطار من جرعات الخليط، او استبدال جرعة الصباح ( السحور) بجرعة قصيرة الامد، وفي المساء نتعاطى الخليط بالكمية الكبيرة 20 وحدة.  ومرة اخرى اعود واكرر بالنسبة  للمرضى الذين يتعاطون العقاقير ان يحرصوا على تناول حبة الفاصوليا (الحبة الكبيرة)مثفورمين او جلوكومين فهي لا تؤدي لهبوط في نسبة السكر.

 متى يجب  على المريض التوقف عن الصيام وفي اية  الحالات؟

د. عدنان: اولا كل مريض سكري يصل مستوى السكر لديه 250 فما فوق يجب ان يتوقف عن الصيام، وكل مريض يعاني من وضع تذبذب ما بين ارتفاع حاد وهبوط حاد عليه الا يصوم، كل مريض يشعر خلال الصوم بالتعرُّق ( افراز العرق) او الدوران او الغثيان عليه بالافطار فورا.. كل مريض سكري،  يعاني من مشاكل  في القلب بشكل خاص هو معرض لتدهور في حالته الصحية اذا ما اختل توازن السكر في جسمه، فانا انصحه منذ البداية بعدم الصوم، كل مريض يشعر بعارض طارىء كارتفاع الحرارة، او الزكام، او اي التهاب يجب ان يتوقف عن الصوم.

في حال فقدان المريض الوعي،  وفقدان الاتصال مع المحيطين به، كيف ينبغي لنا ان نتصرف في مثل هذه الحالة؟

د. عدنان: اولا استدعاء الاسعاف بأقصى سرعة ممكنه، ثانيا اذا كان المريض يحمل في جيبه  حقنة "جلوكاجون" وهو معروف انه مريض سكري، يجب ان نحقنه بها فورا  الى حين وصول الاسعاف، لكن هؤلاء المرضى يعتبرون في دائرة الخطر ولا ننصحهم بالصوم منذ  البداية. مريض السكري عادة يعرف نفسه جيدا ويطور لنفسه خبرة في معرفة جسمه والتغيرات الفجائية التي قد تطرأ عليه،واعود واكرر ان الله في كتابه العزيز يقول " ليس على المريض حرج" وهو غفور رحيم.

 في نهاية شهر  رمضان كيف يشعر مريض السكري؟ هل يشعر بتحسن عام ام ضعف عام؟

د. عدنان: أتمنى لكل المرضى ان يكونوا في تمام الصحة في رمضان، ولكن ليس هذا فحسب بل انني اريد منهم ان يحافظوا بقية ايام السنة كما حافظوا  في رمضان.. ومن الطبيعي ان تتحسن نسبة السكر لدى المرضى في شهر رمضان بسبب قلة الاكل وتنظيمه، اتمنى ان يحرص المرضى على صحتهم طوال السنة كما في رمضــان.

 متى يجب على مريض السكري اجراء فحص لنسبة السكر؟

د. عدنان: يستحسن أن يجري مريض السكري فحوصا  باستمرار قبل الوجبات وبعدها،ولكن الوضع الامثل لاجراء الفحص يجب ان يكون في بحر النهار وفي ذروة الصيام اي في ساعات ما بين الظهر  وبعد  الظهر، هذه نسميها  ساعات الذروة التي يستطيع المريض خلالها  ان يقيمّ وضعه الصحي العام. يفضل الفحص ايضا بعد الافطار بساعتين فاذا كانت النسبة قد ارتفعت بمعدل كبير قد يحتاج المريض الى جرعة اضافية من الانسولين .