تتميّز احتفالات عيد الفطر في مجتمعنا بتحضير تشكيلة واسعة من المأكولات والمشروبات التي تستهلك مع عجقة العيد بعفوية واندفاع وتقدّم بسخاء للأقارب والضيوف، مما يشكل تحديًا كبيراً للجهاز الهضمي بعد أن كان قد اعتاد شهراً كاملاً على الإنقطاع عن الطعام والشراب منذ شروق الشمس إلى غروبها. ومما لا شك فيه أن استهلاك الأغذية في عيد الفطر بشكل عشوائي وغير مدروس يعرّض المرء لاضطرابات متعددة في الجهاز الهضمي مثل التلبك المعوي، الإمساك، المغص، الإسهال، الغازات، الانتفاخ والحموضة في المعدة. وتعزى هذه الأعراض إلى انخفاض مؤقت في انتاج أنزيمات الهضم خلال ساعات النهار بعد انتهاء فترة والصيام، إذ تعمل هذه الأنزيمات على تفكيك المواد الغذائية إلى وحدات صغيرة يسهل امتصاصها من الأمعاء إلى مجرى الدم. من جانب آخر، تشكّل الأغذية الدسمة في فترة العيد عبئًا إضافيًا على الجهاز الهضمي، إذ أن استهلاكها يتطلّب فجأة انتاج كميات كبيرة من الأنزيمات لهضمها يعجز الجسم في الأيام الأولى من انتهاء الصيام عن توفيرها.
إذن، كيف يمكنك أن تساعد جسمك على اجتياز هذه المرحلة الانتقالية بسلام؟
من الممارسات الغذائية الهامة التي من شأنها تسهيل عملية الهضم في فترة العيد ما يلي:
- تناول الطعام ببطء.
- مضغ الطعام جيداً.
- تجنب التخمة من خلال التوقف عن تناول الطعام عند الوصول إلى درجة شبع مريحة.
- تقسيم الوجبات الغذائية اليومية ألى 4-6 وجبات صغيرة
- تأخير الوجبة الرئيسية في أيام العيد الأولى إلى ساعات المغرب، خصوصًا الأشخاص غير المرتبطين بعزائم خلال ساعات النهار، إذ إنّ الجهاز الهضمي يكون قد اعتاد على هضم وجبة رئيسية في الليل.
- تفضيل الماء على أية مشروبات باردة أخرى
- تجنّب الحلويات، إذ يشكل هضمها عبئا على الجهاز الهضمي.
- تجنّب السمنة النباتية والحيوانية واستبدالها بكمية قليلة من الزيت في تحضير الوجبات.
إضافة لكل ما ذكر، بيّنت الأبحاث أن أنواعًا معينة من الأطعمة تحتوي على أنزيمات طبيعية تكمّل الإنزيمات الهضمية التي يفرزها الجهاز الهضمي وبذلك تسهّل عملية الهضم لدى استهلاكها. ويشار إلى أن تناول هذه الأغذية في الأيام الأولى بعد الصيام من شأنه أن يدعم عمل الجهاز الهضمي ويساعده على التأقلم مع التغيير في طبيعة ومواعيد الوجبات الذي يحدث بعد انتهاء فترة الصيام.
فيما يلي قائمة بأهم هذه الأغذية:
1) البراعم:
تعتبر البراعم أكبر مصدر غذائي على الإطلاق لإنزيمات الهضم، إذ تحتوي على أكثر من مئة ضعف كمية الأنزيمات الطبيعية الموجودة في الأغذية الأخرى! تحتوي البراعم على مستويات عالية من أنزيم lipase الذي يهضم الدهون، أنزيم amylaseالذي يهضم النشويات، وأنزيم protease الذي يهضم البروتين. ويمكن الحصول على البراعم من خلال إنبات الحبوب (مثل البرغل أو الفريكة) أو البقوليات (مثل العدس أو الحمص). بلا شك أن براعم البرسيم هي الأكثر شيوعًا في الأسواق حيث تضاف عادة للسلطة.
إختر الأنواع النضرة الطازجة من براعم البرسيم واغسلها جيداً قبل الاستهلاك. وبالإضافة إلى براعم البرسيم، يمكن إنبات الحبوب أو البقوليات المختلفة عن طريق نقعها بالماء لمدة 8-12 ساعة ثم شطفها جيداً وتصفية الماء. توضع الحبوب أو البقوليات في وعاء بعيداً عن أشعة الشمس المباشرة وتغطى بقطعة قماش رقيق. تشطف الحبوب أو البقوليات كل 8-12 ساعة وتصفى جيدا في كل مرة. تنبت البراعم وتصبح جاهزة للاستهلاك بعد يومين أو ثلاثة أيام.
2) المكسرات النيئة
تحتوي المكسرات والبذور على أنزيمات الهضم الرئيسية الثلاث المذكورة سابقَا، بشرط أن تؤكل نيئة حيث أن تعرّضها لحرارة التحميص تقضي على هذه الأنزيمات. تناول خلال أيام العيد الأولى حفنة من البذور أو المكسرات النيئة كل يوم من أجل دعم الجهاز الهضمي. يشار إلى أن نقع المكسرات النيئة مثل اللوز أو الجوز أو الكاشيو أو الصنوبر لمدة 2-8 ساعات يرفع من فعالية أنزيمات الهضم فيها بشكل ملحوظ.
3) الخضار والفواكه النيئة
تعتبر الخضار والفواكه النيئة والمجففة مصدراً غنيًا لأنزيم amylase الذي يهضم النشويات. بينّت الدراسات أن تعريض الخضار والفواكه للحرارة يتلف هذه الإنزيمات ويبطل مفعولها مما يجعل استهلاكها نيئة في أيام العيد أسهل للهضم.
4) البابايا والأناناس
وفقًا لنتائج التحاليل المخبرية لأنواع الفواكه المختلفة، تعتبر الأناناس والبابايا أفضل مصدرين غذائيين لأنزيمات الهضم الطبيعية. تحتوي البابايا الطازجة أو المجففة على إنزيم الهضم papain و chymopapain الذي يساعد على هضم البروتين، فيما يحتوي الأناناس الطازج أز المجفف على الأنزيم bromelain الذي يعمل بمثابة عامل مساعد للهضم.
5) اللبن الذي يحتوي على الجراثيم الحية
ينصح بتناول يوميا كوبين من اللبن الذي يحتوي على الجراثيم الحية الحميدة، حيث تعمل هذه البكتيريا على تخمّر الغذاء في الأمعاء وتساعد في عملية الهضم. وتشير الدراسات إلى أن استهلاك هذه الجراثيم الحميدة عن طريق اللبن أو الأقراص يساعد بشكل ملحوظ في تجنّب أعراض سوء الهضم التي تصيب الكثيرين مباشرة بعد انتهاء صوم رمضان بسبب التغيير المفاجىء في مواعيد وطبيعة الوجبات الغذائية.
* المعلومات الواردة في الدليل هي معلومات عامة فقط. يرجى مراجعة في شروط الاستخدام وحماية المعلومات