كانت سنة 1999 سنة جيدة للمستثمرين في كلّ المجالات تقريبًا، ومن ضمن ذلك في مجال تقويم الأسنان، أيضًا. في تلك السنة أقيمت شركة كان مديروها هم من مديري الأعمال ولا صلة لهم بأطباء تقويم الأسنان البتة، وقد توجّه هؤلاء إلى هذه المجموعة العلاجيّة باقتراح كان من شبه المستحيل رفضه، وعرضوا عليهم براءة اختراع لتقويم الأسنان غير المرئيّ. بعد انطلاق الشركة بصورة ناجحة للغاية، بدأت بالعمل، وبتسويق منتجاتها، وأخذ عدد المعالجين بحسب هذه الطريقة بالازدياد بشكل متواصل.
نحن نتحدّث بالطبع عن المشابك الشفافة للأسنان، في إطار تقويم الأسنان غير المرئيّ.
مشابك شفافة للأسنان – يا لها من فكرة!
يتضح أن الفكرة التي وقفت وراء هذا العلاج يعود مصدرها إلى سنوات الـ40 من القرن السابق، وقد تمّ تطبيقها بشكلٍ واسع منذ أواخر القرن السابق وحتى اليوم.
فكرة جديدة – قديمة؟
بالضبط. لقد استعان أطباء تقويم أسنان كثيرون بهذه الطريقة في السابق في المرحلة الأخيرة التي كانت مرحلة إنهاء علاج تقويم الأسنان، عندما كانت الأسنان قد أصبحت في المكان المحدّد لها، تقريبًا، وكانت هناك حاجة إلى إزاحتها بشكل أدنى لا يتجاوز أجزاء من الملليمتر فقط، من أجل الوصول إلى النتيجة الممتازة المطلوبة.
إنه المشبك إياه نفسه، إذًا؟
ليس بالضبط. لأجل إزاحة الأسنان تمّ استخدام مشبك شفاف وسميك نسبيًّا. إنّ أصحاب الشركة التي ذكرتها سابقًا، وقسم منهم خضع للعلاج بهذه الطريقة، لم يحدثوا تغييرًا من ناحية الموادّ التي صنعت منها المشابك الشفافة فحسب، وإنما تمكّنوا أيضًا من تغيير نطاق عملها. من إزاحة تبلغ أجزاء من الملليمتر – إلى إزاحة تبلغ بضعة ملليمترات، وهو الأمر الذي أدّى إلى تغيير جوهريّ في علاج تقويم الأسنان غير المرئيّ.
كيف تعمل هذه الطريقة بالضبط؟
وفق هذه الطريقة، يصوّر طبيب الأسنان بشكل ثلاثيّ الأبعاد وضع الأسنان الحاليّ عبر أخذ مقياس للنموذج، ويرسله إلى الشركة الموجودة في خارج البلاد. هناك، وبمساعدة برمجية متقدّمة وآلات طبع ثلاثية الأبعاد، يبنون سلسلة من المشابك الشفافة، يختلف كل واحد منها عن الآخر قليلاً، بحيث من المفترض أن تكون الأسنان في المشبك الأخير مرتبة تمامًا.
ويقوم المعالَج بتركيب هذه المشابك؟
نعم. المعالَج الذي يحضر إلى طبيب الأسنان يتلقى كل بضعة أسابيع مشابك يُفترض به أن يركّبها حوالي 22 ساعة في اليوم (باستثناء وقت وجبات تناول الطعام وفرك الأسنان)، إلى أن تنتهي العملية، حيث من المفترض عندها أن تصبح مستقيمة.
إنها فكرة تجديدية، فاجأت لا بل قد أذهلت عالم تقويم الأسنان، لأنها حوّلت الجهاز العلاجيّ برمّته، تقريبًا، إلى طرف آخر، إلا أنّها أبقت المسؤولية العلاجية ملقاة على عاتق الطبيب. وهذا بخلاف العلاج التقليديّ، حيث كان كلّ شيء خاضعًا لصلاحية ومسؤولية الطبيب.
ما هي أفضليات العلاج؟
• العلاج، ذو الأهداف التجميلية، أصبح تجميليًّا جدًّا، لأننا لا نرى المشابك الشفافة البتة.
• المشابك سهلة التركيب، وتكاد لا تضايق عند التكلّم، كما أنها تكاد لا تسبب الألم.
• من السهل الحفاظ على نظافة فم صحيّة في فترة العلاج.
• فترة القعود، أي الفترة التي يمكث فيها المعالَج على كرسيّ العلاج، قلّت بشكلٍ جدّيّ.
قائمة الأفضليات الطويلة التي لم يتمّ عرضها على المهنيين فحسب، وإنما عُرضت أيضًا على الجمهور العريض، بمساعدة شبكة تسويق واسعة للغاية، أدّت إلى ظهور موجة أوّلية من الاستخدام الكثيف للجهاز على يد أطباء الأسنان المختصّين وغير المختصّين، أيضًا.
هل هناك نواقص لهذا العلاج، أيضًا؟
بالتأكيد، حتى مع المشابك الشفافة لا تكون الأمور سهلة كثيرًا دائمًا.
• هناك حاجة، أحيانًا، لتغيير سلسلة المشابك الشفافة – يجب التذكّر أنّ الحديث هو عن برنامج علاج مغلق، يحدّده تقني الشركة. وهذا يعني أن الشركة تبني سلسلة المشابك من بداية العلاج وحتى نهايته، على فرض أنّ الأسنان ستستجيب للعلاج، وأنها ستصل في نهاية فترة تركيب المشابك كلها إلى المكان المرجوّ.
يتّضح أن ذلك لا ينجح دائمًا، ويجب، أحيانًا، تغيير سلسلة المشابك في وسط العلاج لأن الأسنان لا تتحرّك على النحو المرجوّ. يكلّف هذا الأمر المزيد من النقود، ويتطلّب وقتًا ويطيل فترة العلاج المتوقعة. طوّرت الشركة، مع مرور السنوات، منتجات كثيرة حاولت التغلّب على صعوبات العلاج، وقد نجحت في ذلك، أحيانًا.
• التكلفة عالية – تنبع التكلفة العالية نسبيًّا، في الأساس، من كون الشركة لا تواجه أي تنافس حقيقيّ، وهي تمارس احتكارًا عالميًّا، تقريبًا.
• علاج داعم وليس تجميليًّا – نقيصة إضافية هي طلب الشركة لصق ما يشبه الأزرار الغيرة على الأسنان، من أجل تثبيت المشابك عليها بصورة أفضل. يرفض الكثير من المعالجين أي لصق خارجيّ على الأسنان، لأنّ هذا يتناقض مع تقنية العلاج وفكرته الأساسيّة، ولذلك فإنّ المشابك تكون أقلّ نجاعةً في مثل هذه الحالات.
هل المشابك ملائمة لكلّ علاج في تقويم الأسنان؟
لا. ليس كلّ حالة ملائمة للعلاج بمساعدة المشابك الشفافة، خصوصًا الحالات المركّبة التي تتطلّب تحرّكات أسنان مركّبة أو أساسيّة.
يجب التذكّر، أيضًا، أنه في نهاية العلاج بالمشابك الشفافة، هناك حاجة، أحيانًا، لتلقي علاج بمساعدة أجهزة تُلصق على الأسنان.